تقارير وتحقيقات

إسعاف شمال سيناء.. عيون ساهرة لاتنام.. «جبهات إنقاذ متحركة» يقودها أبطال شجعان

وقت النشر : 2021/09/25 03:35:49 PM

تقرير _ أمل اللقاني

مع انتشار الأوبئة ، والأمراض التي تجتاح العالم في تلك الأونة الأخيرة، أصبحنا نواجه معركة حقيقية ، يتصدى لها ابطال شجعان ..يجوبون الشوارع ليل نهار .. ذهابا وإياباً من وإلى البيوت والمستشفيات .. لهم هدف واضح ، هو إنقاذ المرضى ولو كلفهم الأمر حياتهم .

فنجدهم يتعرضون من لحظة لأخرى لمخاطر جسام ، تودي بهم ، وعلى الرغم من ذلك يؤدون رسالتهم دون خوف أو ملل ، حاملين أكفانهم على أكتافهم بكل شجاعة .. سعادتهم تكمن في أن يروا البسمة ، وهي ترسم على شفاه مرضاهم، عندما يمتثلون للشفاء .

 

هذا ما دفعني لكتابة هذا التقرير ، بهدف إلقاء الضوء على طبيعة عمل هيئة الإسعاف ،من خلال المعاينة والملاحظة المباشرة لغرفة العمليات ، وتم إجراء لقاء مع المسؤولين والمسعفين والأهالي ،  للتعرف على طبيعة العمل في الهيئة.

 

توجهت إلى مرفق إسعاف شمال سيناء الرئيسي بوسط مدينة العريش ، والتقيت بالدكتور محمود عبد اللطيف عامر مدير المرفق ،  والذي أكد أن هيئة الإسعاف لا يقف دورها على نقل المريض أو المصاب لتلقي العلاج فقط . لكنه يبدأ بالعلاج كإسعافات أوليه التي تبقي المريض على قيد الحياة  دون حدوث أية مضاعفات، بهدف الحفاظ على حياتهم.

 

واضاف عامر بقوله : لدينا 98 سيارة إسعاف مجهزين تجهيز عالي جداً منهم 14 سيارة عناية مركزة لنقل الحالات تحت أجهزة التنفس الصناعي . كوحدة عناية مركزة للنقل بين المستشفيات داخل وخارج المحافظة.

وأيضاً سيارتين كوارث كل سيارة بها 4 أسره .تستطيع التعامل مع 4 حالات أو 4 مصابين في وقت واحد .. بالإضافة لسيارتين للأطفال المبتسرين «سيارة في مدينة العريش والأخرى في مدينة بئر العبد»، لنقلهم من مستشفيات المحافظة  لمستشفيات خارج المحافظة أو داخلها في حال عدم وجود أسرة.

 

وثمن مدير إسعاف شمال سيناء الدور البطولي الذي قام به رجال المرفق ..مؤكداً أنهم لاقوا صعوبات شديدة في الفترة الماضية .. فهم يلبون رسالة إنسانية، ومجهزين بمعدات وأدوات  وفرتها لهم الدولة   للقيام بهذا الدور بنجاح   موضحاً أن هيئة إسعاف شمال سيناء  قدمت 6 شهداء و 45 مصاب أثناء إجلاء مصابين ..  ورغم ذلك لم يتقدم أحدا من المرفق للنقل خارج المحافظة.

 

وأكد عامر   أن المسعف فى شمال سيناء يختلف عن أى مسعف بأى مكان فى مصر .. كل مسعف عايش وشاهد صدمات منذ بداية سيول العريش  2010 ثم الأحداث المتوالية، ولديهم خبرات ميدانية متراكمة حتى أصبحوا من أقوى المسعفين خبرة فى العالم وهدوء وقوة أعصاب.

انتقلت بعد ذلك للحديث مع العاملين بالمرفق وكان لي لقاء مع ناصر فايز مغنم مشرف أول عمليات إسعاف شمال سيناء .. الذي أكد أن  إسعاف شمال سيناء مجهز بكافة الإمكانيات، وكان أخر إضافة وصول 3 سيارات مجهزة جديدة بكافة أدوات الإسعاف العاجلة.. كما أن كل فرد إسعاف يتعامل مع الحالات المصابة تم تدريبه على أعلى مستوى بشكل جيد للتعامل مع المصاب.

لافتا إلى أن أول من يتلقى البلاغ غرفة العمليات الرئيسية ..ثم يستكمل السائق والمسعف المهمة ،ومن ضمن دورهم  .. إلى جانب التعامل مع الحالات سرعة الإبلاغ بالمعلومات والبيانات لكل حالة بدقة ويتم متابعتهم لحين وصولهم لأقرب مستشفى .

وأضاف أن رجال إسعاف شمال سيناء بشكل خاص .يعانون صعوبات كبيرة دونا عن أى موقع داخل الجمهورية، لكن الخبرات المتراكمة والإيمان برسالتهم جعل كل رجل إسعاف يتغلب عليها ولا يجعلها عقبة أمام أداء مهامه .

من ناحية أخرى ..قال علاء سليمان مشرف قطاع بنموذج إسعاف شمال سيناء : إن طاقم الاسعاف هو أول من يصل لأي حادث، ويتعامل مع الحالات، وان رجل الإسعاف هو أول متلقي للصدمات بكل ما تعنيه صعوبة المشاهد التى يراها والتى هو فى الأساس مدرب عليها .. حتى لا تؤثر على عمله .

أضاف سليمان: أنه خلال عملهم   هناك لحظة فارقة يكون المصاب بحاجه للتعامل معه بحرفية يجيدها رجل الإسعاف, ومدرب عليها.

لذلك نصيحته لكل شخص يتواجد فى موقع حادث ألا يتدخل مطلقا فى عمل رجل الإسعاف، أو يوجهه ماذا يفعل وماذا لا يفعل، فهو فى صمت يقوم بمهمة إجلاء المصاب من المكان لسيارة الإسعاف مع عمل الإسعافات الأولية، وكل همه الحفاظ على حياة من ينقله والوصول به سالما لأقرب مكان تقدم فيه خدمة طبية لتستكمل مهمة علاجه .

« غرفة عمليات  »

توجهت بعد ذلك لغرفة العمليات .. فهي العقل المدبر لكل التحركات الخاصة بسيارات ا.. والتقيت بـمشرف غرفة العمليات ..والذي أكد أنه يتم يتلقى البلاغات على مدار الساعة ، من خلال الخط الساخن «123» ..ثم يبدأ توزيع المهام، وإعطاء إشارة التحرك للسيارة المحددة ،عن طريق شبكات اللاسلكى بعد توثيق كل بلاغ

  ويتم خلال رحلة السيارة متابعة التحركات .. ثم إشارة الوصول ، يعقبها إشارة تلقى بيانات كاملة ،، ثم اشارة التوصيل للمستشفى، وانتهاء المهمة، ثم إشارة العودة والوصول

أضاف أن رجال الإسعاف يتم توجيههم للموقع أيا كانت المخاطر، ودائما يتقبلون أي تكليف .. وهم فى حالة جاهزية لأى احتمال قد يعرض حياتهم للخطر، مشيرا إلى أنه دائما فى المواقع التى بها مخاطر يبقى من فى غرفة العمليات يتابع مع زملائه فى الميدان، أولا بأول وتلقى التمام منهم .

وأضاف أن أصعب الحالات عندما يأتى البلاغ أن المصاب أو الشهيد هو المسعف أوسائق الإسعاف نفسه.. وتوجيه زملاء آخرين لهم لإنقاذهم، ويبقى الجميع فى سلسلة متصلة من التضحيات وصولا لإنقاذ كل من يمكن إنقاذه.

« السلامة والصحة المهنية»

كان لي لقاء مع مؤمن سعد مسئول السلامة والصحة المهنية بنموذج اسعاف شمال سيناء والذي شرح لي مفهوم السلامة بالنسبة للاسعاف والتي هدفها الأساسي الحفاظ على العنصر البشرى (سائق .مسعف .ادارى ) وأيضاً الحفاظ على سيارة الإسعاف ، والحفاظ على الأجهزة والمستلزمات الطبية فى السيارة .

أشار مؤمن إلى أهمية طفاية الحريق بسيارات الإسعاف .. مؤكداً أنه تم استخدامها أكثر من مرة فى إنقاذ سيارات الاسعاف خصوصا لطول المسافات بين النقاط وصعوبة الطرق التى يمرون بها وتم استخدامها اكثر من مرة أثناء اجلاء مصابين خلال حوادث الطرق .

أوضح مؤمن أن دور السلامة والصحة المهنية لا يقتصر على هذا فقط بل يقومون بتدريب السائقين والمسعفين على مهارات متعددة  كيفيه استخدام الطفاية وكيفيه الحد من المخاطر التى ممكن ان تحدث لهم أثناء عملهم وكذلك المرور على نقاط الاسعاف بالمحافظة للتأكد من سلامه النقاط وكذلك تجهيزها بكل سبل الإطفاء حفاظا على الأرواح والممتلكات

«شهداء ومصابين»

ووجدت جدران واجهة مبنى الإسعاف الرئيسي مزينة بصور للشهداء والمصابين  فى أحداث سيناء.

 

فكان لي لقاء مع محمد عبد الحميد النجار، مسؤول العلاقات العامة بالمرفق ، والذي قال أن الصور التى زينت الجدران حول مقر المبنى، هى إنطلاقة احتفال لإنشاء متحف درامى لهيئة الإسعاف المصرية  ، يوضح دور الإسعاف وكيف واجه رجالها كل الصعاب للقيام بمهامهم الإنسانية.

أضاف النجار أن الصور لـ 6 شهداء،  وعرضت بنظام العرض المتحفى بهدف تخليد ذكراهم موضحاً أن الشهداء هم مسعفين وسائقين استشهدوا خلال فترات زمنية شهدت المحافظة فيها أحداث تطلبت تدخل رجال الإسعاف  لإجلاء مصابين لإنقاذ حياتهم.

«أراء الناس »

تقول سماح صالح أحد أبناء العريش: لم أعرف أهمية الإسعاف وقيمته إلا عندما خضت تجربة شخصية تعرضت فيها لصعوبة التنفس ، وأصبحت كل دقيقة تمر تعنى ابتعادى عن الحياة، ولكن كانت المفاجأة عندما جاء موظف الإسعاف لبيتى بعد مدة زمنية قليلة من الاستنجاد بهم ،  وفتح حقيبة أخرج منها خرطوما دسه فى أنفى وبدأت أشعر  بالأكسجين فى صدرى، وأننى أقترب من الحياة، وبعد نصف ساعة، سلمنى الإسعاف إلى المستشفى الذى تولى رعايتى.

وقال صبري فهمي : وقعت زوجتي من سلم منزلنا, وورمت رجلها في الحال, فقمت بالاتصال بالرقم  123 ,وفوجئت بوجود الإسعاف في اقل من  5 دقائق أمام منزلي ,للدرجة التي جعلتني اهزر مع المسعف واقول له انتوا كنتوا ع الباب؟

من خلال لقائي مع المسؤولين والمواطنين ، تبين أن المسعفين في شمال سيناء، يواجهون مخاطر كثيرة عن نظيرهم في باقي المحافظات بسبب الظروف المناخية التي تتعرض لها المحافظة .. وكذلك تعرضهم للهجمات الإرهابية من حين لآخر ،ومن لقائي معهم , وجدت فيهم الشهامة المنقطعة النظير .. والتضحية في سبيل إنقاذ المرضى والمصابين.

 

لذا كان ولابد من إهتمام الدولة .. بتوفير أكبر عدد من السيارات ..  ونوصي بتوفير سيارة إسعاف ذاتية التعقيم وتحسين أحوال رجال الإسعاف مادياً .. وإن كان هذا لا يساوي شيئاً مما يواجهونه من صدمات قد تودي بأرواحهم فهم يستحقون أن نطلق عليهم            « أبطال الظل »

Shadow Heroes

زر الذهاب إلى الأعلى