أدبي

عبق الأماكن

وقت النشر : 2021/12/11 11:15:23 AM

عبق الأماكن
بقلم: نسرين فاروق

في ليلة شتاء باردة ما بين غفوة وسهاد وأرق لم يسبق له مثيل تتسابق دقات قلبي مع صوت زخات المطر فوق ذاك الشباك المهمل منذ سنوات جلست أتفقد حال غرفتي القديمة، كيف أصبحَت وكيف أصبحْت.
لعل ما نقش على جدرانها أكثر ثباتا مما أبدو عليه الآن، أتنفس رائحة الأماكن، ألملم أوراقي التى خطت من سنين تواريخ نقشت في قلبي وعلى جدران الذاكرة، أذهب معها إلى
أشخاص لم يبقَ منهم إلا أسماؤهم وآخرين مازالوا راسخين رغم بعدهم مسافات، قد حال بينهم وبين اللقاء دموع تذرف على أوراق خطت بأيديهم. كيف لهذا الزمن أن انقضى سريعا؟!
كيف لقلوبنا أن تحملت كل هذا الهجر المقصود وغير المقصود؟!
كيف لرائحة الأماكن أن تحتفظ بذاك العبق وكيف لي أن أتحمل تلك الدقات العالية التى زلزلت كياني في لحظات..
ليت الحياة بقيت كما كانت، ليتها لم تتغير وتجبرني على التغير، ليتني بقيت بقلب لم تغيره عثرات الحياة وخيبات الظنون.
لست ممن يلقون اللوم ولا أجيد العتاب، ولكني أنعزل بذاتي وألملم شتات قلبي بعيدا عن ذاك الزحام الزائف، أنفرد بقلبي على غير استحياء منه، أقسو عليه مرات وأبكي معه أخرى..
أنا وقلبي فقط من ندرك حقيقة الفقد، سرعان ما تتوارى من حولنا الوجوه.. ساعات قلائل.. مواساة عابرة.. دموع صادقة أحيانا …..ووجوه أكثرها غابرة.
أجيد قراءة تعبيرات الوجوه، أحتمل في نفسي قسوة أحدهم وأحمد الله على قلب صادق لمست فية العطاء ولو بكلمة..
وما بين عمر انقضى سريعا وصراع ماضى وقت وآت ها أنا الآن أغلق ستائر غرفتي وأسدل معها رغما عني ستائر النسيان.

عبق الأماكن

نسرين فاروق.

ذات صلة
شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى