أدبي

خرق المعاهدة

قصة إنسان مع العالم الآخر

وقت النشر : 2022/11/28 10:33:52 PM

خرق المعاهدة

قصة إنسان مع العالم الآخر

بقلم: عبدالحميد أحمد عبدالحميد

غادر مستشار المملكة، وبقيت معه ترافقه، وأظهر لها أنه سيعتمد عليها في ما يريد معرفته، وهي ترى أنه لا يوجد أحد غيرها برفقته.
ذهب ذات مساء لمقابلة أقرب صديق له (محمود) لأنه يعرف كل شيء عنه، لقد كان روحانيًا فعزل لسبب غير معروف.
جلسوا معًا في مكان آمن وهادئ بحديقة اعتادوا السهر فيها لوقت متأخر.
فجأة أشار محمود بيده:
-أشعر بامرأة تقف بعيدًا جِدًّا تنظر إلينا، لكن دون أن تقترب.

نظر في الاتجاه الذي أشار إليه ووجد المرأة واقفة بالفعل هناك تراقبهم.
-كيف تشعر بذلك؟ صفها لي
-لا أعلم، لكني أشعر بوجودها وكأنني أراها لكني لم أراها بعيني، سيدة جميلة، في الأربعينيات من عمرها، ترتدي ثوبا أبيض وتاجا كبيرا على رأسها، لا أعلم إن كان شعوري هذا صادقا أم العكس!
-ما قلته صحيح.

أمر الملكة التي كانت برفقته:
-اذهبي إليها لتعرفي قصتها وتعودي مرة أخرى
أثناء ذهابها نبهها بأن لا تعود إليه، حتى يأذن لها.

ضوءا ساطعا 

وبدأ مع صديقه محمود في إرسال طاقة من حوله لرؤيتهم كما كان من قبل
-ماذا ترى؟
-أرى ضوءا ساطعا جدا.
-مرحبًا بك من جديد في عالمهم.
-ما هذا الضوء الذي أراه؟
-درجة عالية من النورانية، ستظل معك دائمًا، سترافقك هالة من النور في أوقات الحاجة، وسيرافقك محاربون أقوياء عندما تحتاجهم، حتى تعود كما كنت من قبل.

عندما انتهى سمح للملكة بالعودة مرة أخرى.
-ما هي قصة هذه المرأة؟
-هي الملكة الحاكمة لهذه المنطقة وهي معجبة بصديقك محمود وتريد مرافقته
-قولي لها أن تأتي إلى هنا.

عندما جاءت، كانت امرأة حكيمة وقوية للغاية، ملكة، ابنة ملوك طبقة مرتبطة بأحد حكام الجان.
أجلسوها بينهم، وقد أعجب بها محمود وأراد اصطحابها معه، وكانت سعيدة بذلك، وفجأة جاء ثعبان ضخم جدا وأسد كبير يطلبان الإذن بالدخول إليهما
-من أنتما؟
-نحن ملوك المنطقة هنا، تابعين للملكة، ونود أن نكون معكم.
لكنهم أرادوا العودة إلى المنزل، وهم في الطريق
-أنت تسرعت يامحمود في الأمر، إنها كاذبة، وتريد أن تدخل بيننا كي تؤذينا.
-ماذا سنفعل بها؟
-انتظر، نعود إلى المنزل وسأتصرف.

الثعبان

عندما وصلوا إلى المنزل، استدعاها:
-أعلم أنك مؤذية جِدًّا، وقد جئتي لتتمكنين من أذيتنا،
في ذلك الوقت كانت مرعوبة وخائفة، فأمر الثعبان التابع لها أن يلتف حول جسدها حتى كاد يقتلها وأمر بسجنها على هذه الحالة، إنها عقوبة قاسية للغاية، تستمر في المعاناة طيلة فترة السجن، حتى يشاء الله.
-كيف عرفت أنها تريد أن تؤذينا؟
-عندما ذهبت ملكتي إليها، عرفتها، وسألتها لماذا كانت معي، فقالت إنني قتلت والدها الملك، وكانت حزينة، فهدأتها وأخبرتها أنها ستنتقم للجميع.
-هل تريدها معك؟
-لا أريدها في أي شيء، لقد كشفت نفسها، لكنني لا أريد أن أؤذيها.
-اترك الأمر لي، فقد تصدقني في العمل.
-هي لك، وإذا لم تصدق اتركها وشأنها.

الملكة

بعد عدة أيام علم أن الملكة قتلت وكل مملكتها، حيث كان محمود غاضبًا منها وأراد تدميرهم، لكن النور المحيط بالمملكة لم يستجب لذلك واختفى، فتقدم المحاربون ودمروها.
غضب كثيرا بسبب ما حصل، لأنه كان قد أعطاهم عهدا على عدم الاقتراب من أي منهم.

وجاء ملك كبير ليتحدث معه في هذا الأمر -سيحضر ابن ملك من حكام عالم الجن نيابة عن أبيه ليناقش الأمر الذي حدث وخرق المعاهدة.
بالفعل وصلوا إلى المكان، وكان في استقبالهم هو وصديقة، دخل ابن الملك غاضبًا جِدًّا مما تسبب فيه محمود، لكن اللوم لم يكن على محمود، لقد أخطأ في استعمال القوة التي منحها هو له.
وأثناء المناقشة أعطى محمود الإذن للمحاربين بقتل نجل الملك وفجأة قتل أمامهم.

أصيب جميع الحاضرين بالذهول وصدم من الموقف ولم يعرف ماذا يفعل؟ ستشن حربا، فهو لا يعرف إلى أي مدى ستأخذهم إليه؟ جاء المحارب بجيش كبير جدًا بمجرد حدوث ذلك وكان غاضبًا جدًا مما حدث.
-ما حدث اليوم لن يمر بسهولة، كان العداء في السابق تحت السيطرة الكاملة، لكنه الآن تجاوز كل الحدود، ويجب أن تكون حذرًا للغاية من الآن فصاعدًا.
سمع ما قاله له المحارب وكان غاضبًا جِدًّا مما فعله محمود ونظر إليه:
-لقد ساعدتك بقوة استخدمتها في القتل والتدمير والآن لا يمكنني أخذها بعيدًا، ولا يمكنني تركك بدونها، لقد فات الأوان لذلك، إنهم سيحاولون الانتقام منك، لم يكن قتل الملكة وتدمير مملكتها بالأمر الكبير، لكن قتل ابن حاكم هو ما جعل الأمر صعبًا للغاية، فقد جاء بسلام وتم الغدر به.

(انتقام)

بعد ما حدث من محمود وما وصلوا إليه لم يعد يرى عالم الجن كما كان يراه من قبل. عوقب على ما فعله مع محمود، لم يحزن على ذلك فقد كان إحساسه قويا جدا، كان يشعر بهم وبكل من حوله وكأنه يراهم، ويسمعهم عن طريق الأذن.

حتى اليوم الذي حدث فيه شيء غريب عندما كان يتجول في منزل أجداده، سمع ملكا يقول:
-نريد أن نقدم لك هدية ذهبية، لكن محمود يجب أن يكون حاضراً هنا.
-أعطني الهدية، وسأعطيه نصيبه منها.
-ينبغي أن يكون حاضرا.
-لا أظن وجوده مهم بالنسبة لك إلى هذا الحد، وإصرارك على حضوره، هو بغية الانتقام منه.
-أحضره هنا وستحصل على هديتك.
-أنت تعلم جيدًا أنه ليس من طبيعتي الخيانة، وأنه شخص أحبه كثيرًا ولا أريده أن يصاب بضرر، ابتعد عني حتى لا أؤذيك.

جلس في صالة المنزل ليسأل العفريت
-كيف يمكن أن يؤذوه إذا جاء إلى هنا وأنا معه؟
-إنهم يعلمون جيدًا أن القوة التي معك ومعه لن تقاوم، لأنهم علي عهد قديم بحماية المنزل من أي تدخل خارجي، أنهم يعتقدون أنفسهم قادرون على إلحاق الضرر به دون تدخل.
-هل هذا يمكن أن يحدث حقا؟
-هذا هو اعتقادهم، ولكن ما يحدث الآن هو ما تريده، لأن السيطرة على كل الأمور بين يديك الآن، ويمكن قلبها متى شئت وضد من تريد منهم، القوة التي منحك الله إياها ، لا ترغب في وجودهم، وفي وقت الحاجة، سوف تدمرهم إذا لزم الأمر دون الرجوع إليك.
لكن هناك شيء يقلقني ويجب أن أخبرك به.
-قل لي كل شيء.
-القوة التي تركتها لمحمود، أخشى أن تفقد سيطرتك عليها يومًا ما، وما يقلقني حَقًّا هو أنهم فعلوا ما طلبه دون الرجوع إليك.
-أنا على علم بكل هذا ولست قلقًا بشأنه، إنه شخص جيد ويحبني كما أحبه، لكن ما يزعجني هو استخدامه لها بوحشية.
-لقد تسبب في عداوة كبيرة بينك وبين العديد من طوائف الجان، والآن يتردد كثيرا اسمك من قبلهم بأنك عدوهم ويجب قتلك.
-قال تعالي ( قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۗ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ۚ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ )
لا تقلق، أنا واثق أن لله حكمة في ذلك.

الكنوز

بمرور الوقت، كان يذهب مع محمود إلى أماكن الجان التي تحرس الكنوز وتؤذي من يعيش فوقها، لمساعدته على تطهير ما بداخلها من الجان الشرير، مع عدم رؤيتها كما رآها من قبل، وهذا يؤكد أنه عقاب له، لكنه لم يحزن عليها أو يهتم بها، فهو واثق من أن الله له الحكمة في ذلك.
كل ما كان يهتم به هو مساعدة بعض الناس من بعيد عندما رأى أولئك الذين يؤذونهم من العالم الآخر.
كان يشعر أن قوته تتزايد يومًا بعد يوم، وكان هناك المزيد من الجن حوله، رغم أنه شعر أن العديد من طوائف الجن كانت تحيط به من بعيد، في انتظاره حتى يحين الوقت وتتمكن من قتله.

حتى لاحظ امرأة من الجان تحاول الاقتراب من محيطه بطريقة ملحوظة للغاية فأمسكها
-لماذا تحاولين الوصول إلى؟
-أريد أن أكون قريبة منك وأخدمك في ما تريد
-أنا أعرف من أنت
أنت ساحرة كبيرة من الجبال، ورثتِ السحر حتى تشبع به جسدك، ولديك القدرة على تسميم من حولك من البشر أو إفراز مادة سامة تخنقهم وتقتلهم، لن تذهبي إلى أي مكان حتى أعرف من أرسلك وماذا كنت ستفعلين؟

لقد فوجئ كثيراً بما علم عنها، أن ساحرة من الجن لديها سم داخلها يقتل البشر.
حمد الله أنها من الجبال البعيدة عن البشر، ولم تختلط بهم، لكانت السحرة استخدمونها لقتل الأبرياء.

خرق المعاهدةقصة إنسان مع العالم الآخر بقلم: عبدالحميد أحمد عبدالحميد
خرق المعاهدة
قصة إنسان مع العالم الآخر
بقلم: عبدالحميد أحمد عبدالحميد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى