أخبار مصرمقالات متنوعة

مفهوم آخر للإسلام

وقت النشر : 2023/02/02 07:23:45 PM

مفهوم آخر للإسلام

كتب: محمد شبكة

ما هو الدين الذي اتحد جميع الرسل على نشره وتخليصه من شوائب ما وضعه فيه الواضعون وما شرحه الشارحون عند كل الأمم؟

إنه الإسلام…

لم أجعل غرضي من مقالي هذا إلا أمرًا واحدًا؛ وإذا فهم حق الفهم كان أشد في جذب الناس إلى هذا الدين من كل البراهين المفحمة والحجج الملزمة، ذلك الأمر هو أن الإسلام ليس بدين جديد لأمة معينة، وإنما هو الدين الذي أوحاه الله إلى جميع الرسل فحرفه أتباعهم، ثم أنزل إلى محمد -صلى الله عليه وسلم- أخيرًا لإحداث إصلاح ديني عام لسائر الملل، بعث الله به رسوله حين تعارف الأمم واتصالها ليكون دينها العام الذي عليه يتم اتحادها ويصفو لديه تعارفها، لذلك جعل قاعدته الإيمان بسائر رسل الله من نعرف أسماءهم ومن لا نعرف، ونؤمن بجميع كتب الله بأي لغة كانت، فيفيد المسلم لأنه يريه أنه تابع لا لدين من ضمن الأديان المتحاقدة المتعادية ولكن للدين الأصلي الجامع لكل الأديان، فهو بهذا الاعتبار يجد في نفسه قيمة لم يحس بها من قبل لأنه يرى نفسه رجلًا عامًا لا خاصًا، متبعًا لدينٍ هو نفسه دين الكل وجامع أرواح الكل في أكمل شكل وأجمل حال، فمن كان كذلك فلا يتحامل على الأديان لأنه أمر أن يؤمن بها كلها، وأن يكون منها بالمركز الأوسط العام؛ فلا يهون على نفسه أن يميل عنه إلى نقطة متطرفة ولو سبق إليها بقوة قاهرة.

هذه النقطة التي حاولت تجليتها في هذه الرسالة، وهي إظهار ما في القرآن من خصائص الإسلام والتي هي السبب الأكبر في تهافت الأمم على هذا الدين في كل جيل، لأن الأمم وإن لم تدرك هذا السر علميًا إلا إنها تحس به وتلمسه في الإسلام، فترى فيه صورة عقائدها الصحيحة منقحة خالصة مما يثير الشكوك والشبه فتميل إليها بأرواحها وتتقلب أشد تعصبًا لها من أهلها، ولا توجد هذه الخصيصة في أى دين من الأديان لأن هذا المركز الوسط ليس لواحد منها، ولم يشرع واحد منها لأن يكون دينًا عامًا من الأساس؛ فتراها كلها بما طرأ عليها من التحريف على أطراف متناقضة لا محل للتوفيق بينها بوجه من الوجوه.

مثال: ذلك البوذي لا يهون عليه أن يكون نصرانيًا “ولا حكم النادر”، لأنه لا محل للصلح بين البوذية النصرانية بوجه ما، فالبوذي يعتقد أن إلهه “فيشنو” وهو أحد أركان التثليث الهندي قد تجسد مرارًا لتخليص العالم من الشرور، وقد تجسد أخيرًا في بوذا للمرة التاسعة.

ثم لا يمكن أن يكون البوذي يهوديًا لأن التوراة موجهة الخطاب لبني إسرائيل ورافعة إياهم على سائر الأمم، وليس في نصوصها ما يسمح بوضع بوذا الذي يجله.

من هنا، رأيت أن هذه النقطة الخطيرة علميًا تفيد المسلمين والباحثين في الإسلام أكثر مما لو كتبنا عن فضائله.

زر الذهاب إلى الأعلى