أخبار مصرمقالات متنوعة

الأحداث التي هزَّت قلوبنا

وقت النشر : 2023/02/14 05:47:16 PM

الأحداث التي هزَّت قلوبنا

كتب: ابتسام سعد

أتذكر زلزال تركيا وسوريا الذي هزَّ قلوب الجميع قبل أن يهز منازلهم، أتذكر هؤلاء الأشخاص الذين كانوا تحت الأنقاض وظلوا يصرخون طوال الليل وهم تحت الأنقاض، وبعد اليوم الثاني اختفى الصوت تمامًا.

أتذكر حتى ذلك البناء الذي كان يهتز بشدة وبقوة، وتلك الصرخات التي كانت تخرج منه، أتذكر تلك العائلة التي لا تستطيع النزول ولا إنقاذ نفسها، والتي كانت تحت الأنقاض في الظلام الدامس تستغيث، ولكن لا أحد يسمع هذا النداء.

أتذكر جميع الأصوات والصرخات؛ تلك الدمعات الرقيقة، وهؤلاء الأشخاص الذين استيقظوا من النوم فـوجدوا أنفسهم تحت الأنقاض، وهؤلاء الذين نجَّاهم الله ولكن نظروا إلى الأمام فلم يجدوا عائلاتهم، أتذكر تلك الأم التي انفطر قلبها من شدة البكاء، وتقول: “أين ابني؟! يكفي! لقد ذهب أبوه أولًا والآن ذهب ابني.”، يرد عليها شخص من فريق الدفاع، قائلًا لها: “هل هو تحت الأنقاض؟”، تقول: “نعم”، يقول لها: “هل تواصلتِ معه؟”، تقول الأم: “سمعت صوته أمس، لكن منذ أمس لا يوجد أي صوت، إنه في العشرين من عمره! أين ابني؟”

أتذكر تلك العائلة السورية التي كانت توثِّق تلك اللحظات الصعبة عبر تسجيل فيديو حين كان يهتز البناء بهم، وأتذكر ذلك الأب الذي كان يُهدِّئ من روع ابنته الصغيرة التي كان عمرها لا يتجاوز عامين؛ كي يهدِّئها من الرعب الشديد، أتذكر تلك المرأة التي أنجبت طفلًا وتُوفِّيت في أثناء الولادة؛ وهنا يأتي قوله تعالى: “إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَىٰ ۖ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ” [الأنعام: 95]

أتذكر تلك الطفلة الصغيرة التي كانت تحت الأنقاض، وبذلت كل جهودها؛ حتى تحمي أخاها من الموت، أتذكر قولها حين قالت لفريق الدفاع: “والله العظيم إذا أخرجتني سوف أشتغل عندك خادمة”، يا الله من تلك العبارة! أتذكر تلك الفتاة التي كانت تُجري مكالمة هاتفية مع فتيات من صديقاتها، وفي نصف المكالمة بدأ الزلزال، وأصبحت الفتاة تصرخ: “أمي.. خالتي!”، وكانت صديقاتها يظنون أنها تمزح معهن، وكان هو الواقع الذي لا هروب منه.

أتذكر تلك الطفلة التي أنقذها فريق الدفاع، وقال لها: “أين أخواتك وأمك؟”، ردت قائلة: “كانوا معي لكنهم ماتوا جميعًا في الداخل.”، وتلك الطفلة التي ظلت خمسين ساعة، وحين سألوها: “من كان يقوم بتقديم الطعام لكِ”؟ ردت قائلة: “كان يأتي ليا ضي بطعام ويُطعمني”.

أتذكر فريق الدفاع المدني حين انتشل جثة أحـد الأطفال من تحت الأنقاض وهو يستغيث، تفسير كل شيء من تلك الأحداث أن الله -عز وجل- على كل شيء قدير، ونحن مهما وصلنا إلى مرحلة من الثراء والغنى والسلطة؛ نظل جميعًا تحت رحمة الله -عز وجل-، نحن في حاجة إلى الله دومًا، نحن في حاجة إلى العبادة في كل الأوقات، نحن في حاجة إلى أن نرى الحقيقة بأن الدنيا فانية، علينا بالتضرع إلى الله والتوبة؛ فـهزة أرضية أرعبت العالم! ما بالنا بيوم تضع كل ذات حَملٍ حملَها؟! اللهُمَّ آمِنَّا يَوم الفَزعِ الأكبَر.. “لمن الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ”، “لِمَنِ الْمُلْكُ؟ لله الواحد القهار.

زر الذهاب إلى الأعلى