أخبار مصر

مسلسل “لوتشيا” الحلقة الثانية عشر والأخيرة

وقت النشر : 2023/11/06 01:59:20 PM

مسلسل “لوتشيا” الحلقة الثانية عشر والأخيرة

بقلم: الكاتب الروائي حسن العربي

توالت لقاءاتنا، وأصبحت أنتظر كل ليلة حتى يأتي الفجر، وبدأت أشعر بتحول جديد في قلبي، أصبحت أشتاق إلى ما يروي لي من سيرة وما يتلو عليَّ من آيات، والتي كان يشرحها، شعرت أنني أخرج للحياة الحقيقية بعد أن كنت في قبري لسنوات.

مثلي في ذلك مثل جسم أجوف فارغ تمامًا بدأ يمتلئ بالأنوار الإلهية، بدأت أنتبه لوجود الخالق، وبدأ قلبي يدق له كلما استمعت إلى طبيبي وهو يقرأ، الحب كان يبهرني ووقع الكلمات على قلبي من عذب الإلقاء، فكلما استمعت إليه اقشعر جلدي.

رأيتني أبكي وأبكي، ولا أدري سبب بكائي، بل إنني كنت أحب هذا البكاء، فقد كان نوعًا آخر من البكاء لم أكن أعهده من قبل، وتمنيت ألا يتركني أبدًا، امتلأ قلبي حبًّا وشغفًا إلى حقيقة الحياة.

قررت صوفيا وخطيبها أن يكون العرس من منتصف الليل وحتى الفجر، وتوجهت إلى لوتشيا تريد أن تستشيرها في دعوة لوكا فقالت لها:

– أنت لم تري لوكا حتى الآن؟!

– لا ولا أريد أن أراه.

– توقعت ذلك من تصرفاتك وعدم اهتمامك به.

– لا أحب أن أخوض في هذا الموضوع، وعلى أية حال هو حتى لا يعرف أوصافي، فهو لم يرني منذ هربت من القرية، ليكن من المدعوين إن رغبتِ، لكن لا تحدثيه عني ولا عن وجودي.

– من المؤكد أني لن أتحدث معه عن شيء، فهو، كما تعلمين، شخصية لا تُحتَمل، ولولا نفوذه وممتلكاته ما اهتم به أحد.

طال الحديث بين صوفيا ولوتشيا، ولكنه انصب على الإسلام والعادات والتقاليد وكثير من الحقائق التي عاشتها صوفيا في مصر لوجودها هنا منذ فترة طويلة، كما لاحظت صوفيا اهتمام لوتشيا بدكتور ضياء، وباركته لما تعرفه عنه واطمأنت على صديقتها.

تأثر الدكتور ضياء باهتمامها بما تسمع، وأصبح يقضي كل ليلة في المراجعة ليعد ما يتلوه عليها عند كل شروق، وفهم أن الإيمان قد بدأ يتمكن من قلبها دون أن تدري، الأمر الذي كان يرعبه خوفًا من ألا تكون تصرفاته هو على مستوى كلماته مثل الكثيرين ممن يقولون ما لا يفعلون!

فى يوم العرس بدأ الحضور واحًدا تلو الآخر، لكن لم يهتم أحد منهم بغياب لوكا، والذي وجدوه في صباح اليوم التالي قتيلًا عند المنحدر على حافة الرصيف وبجواره دراجته، وقد شجت رأسه وأغلقت التحقيقات قبل أن تفتح، بأنه توفي في حادثة ارتطام رأسه بالرصيف، وترك ثروته لبنت أخته الوحيدة.

عندما دقت الساعة منتصف الليل، ظهر العروسان على الساحة الماثلة أمام الصالة المزدحمة بالمدعوين من كل مكان، كأنه عرس كوني تداخلت فيه الأجناس والثقافات، وانزاحت فيه الفوارق والطبقات، وكانت حقًّا سهرة العمر لكل من العروسين ولوتشيا والجميع.

بعد عقد القران مالت عليه لوتشيا تسأله، والدكتور ضياء يترجم:

– ماذا يفعل من يريد أن يدخل الإسلام؟

فكان جوابه على الفور، ودون مقدمات، رغم تعجبه:

– رددي ورائي:

أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله.

رددت الشهادة، ولم تكن تتمالك مشاعرها الجارفة التي انتابتها وانهمرت الدموع من عينيها كأمواج البحر، وأصبح العرس عرسين.

انتابتني سكينة لم أعهدها، هكذا أصبح حب الله نهلًا كلما ارتويت منه زاد ظمئي، وكلما تقربت منه زادت رغبتي إليه، وكأنني أرتقي مع نسمات الأثير براحًا بلا حدود، وكأن السماء قد فتحت لي أبوابًا من نور تحولت فيها دقات قلبي إلى أنغام تسمو، كأني فتحت بهذه الكلمات القليلة أبوابًا من الرحمة والعلو، كنت أنا وعالمي المحرومين منه، واشتممت رائحة العطر من حولي، حقًّا ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، دخلت إلى عالم أبهرتني بساطته وسعته.

زر الذهاب إلى الأعلى