أدبيمقالات متنوعة

مرآة الشيطان بقلم فاطمة البسريني

وقت النشر : 2024/05/04 09:53:27 PM

مرآة الشيطان

بقلم: فاطمة البسريني

كان يكلمها من المرآة، جاءها صوته أجشًا قويًا، به رنة الأمر والرجاء في نفس الوقت.
اقشعر بدنها، أصابها فزع شديد:
ـــ أخرجيني من هنا، هيا أخرجيني!
نظرت حولها في المكان كله وقد أخذ العرق البارد يتصبب من جبينها، لم تعرف مصدر الصوت في البداية؛
ـــ أخرجيني، أخرجيني!
كان يردد؛ بينما تسمرت مكانها، لم تستطع حراكا،
فكرت (هل أهرب؟ هل أصرخ؟ ماذا أفعل؟ ماذا؟؟!)
عاد الصوت متوعدا؛
ــ لا تفكري، أخرجيني أفضل لك، هيا، لن أؤذيك … هيا!!
أخذت دقات قلبها تتسارع وقد تملكها رعب كبير،
ثم نظرت إلى المرآة؛ بدا لها وجهه، استحوذت عليها الدهشة والانبهار، إنه وسيم جدًا.

غلفتها نظراته بشعور من البهجة والغبطة لم يسبق لها أن أحست بمثلها من قبل، قال لها وهو يبتسم ابتسامة أخاذة:
ـنة، أنا أمير سجن هنا منذ قرون سحيقة!!
ــ أنت فقط من يمكنه إنقاذي!
كانت ما تزال تحت تأثير الدهشة والرهبة، لما أفاقت قليلًا انتابها الفضول حول ما سمعته من المرآة للتو،
اقتربت منها، جاءها أمره القاطع:
ــ لا تنظري بعد الآن إلى المرآة، المسيها فقط.
تقدمت وقد أغمضت عينيها وهي كالمخدرة، اقتربت لمست يدها المرآة، وإذا بشظايا الزجاج تتناثر في أرجاء المكان، ودخان كثيف يملأ الغرفة، وشيطان مريد يمد يدًا حمراء مجعدة ويمسك برقبتها وينظر في أعماق عينيها.
شعرت بغثيان ودوخة شديدة، ثم أغمي عليها.
كانت أنفاسها تضيع منها مع صوت قهقهاته العالية وهو يحملها بيده الطويلة ذات الأصابع المعقوفة والمخالب الكبيرة.
تناهى إلى سمعها صوت فرقعة شديدة، إنه صوت تجمع زجاج المرآة الذي كان متناثرًا على الأرض.
شعرت باختناق كبير وبحاجتها الملحة إلى الهواء، سعلت كثيرًا،
وأخيرًا فتحت عينيها ونظرت حولها؛ إنها داخل المرآة معه.
انتابها خوف خانق، لم تتمكن من أن تنبس ببنت شفة، نظرت إليه وقد تجمدت من الفزع، ثم نظرت إلى نفسها، لقد تغير لونها إلى البنفسجي الداكن وعيناها حمراوتين بلون الدم وقد انبعث منهما
شرار أحمر وأزرق، بينما أصابع يديها أصبحت طويلة معقوفة ذات مخالب ملتوية مخيفة وشعرها أصبح هو الآخر طويلًا متجعدًا أشعثًا يشبه شعر الساحرات اللواتي كانت ترى صورهن في قصص الرعب.
دوت صرختها، أفزعتها هي نفسها:
ـــ ماذا فعلت بي أيها اللعين؟؟!
أجاب بصوت عميق وكأنه آت من غور جهنم:
ـــ أنت أصبحت لي!!
خارت قواها، لم تعد رجلاها تحملانها.
سقطت أمام المرآة !!.
استيقظت في اليوم الموالي على أحد أسرة مستشفى الأمراض العقلية؛
لكنها تعرف وتعلم علم اليقين أنها لا تعيش في ذلك المستشفى،
إنها تعيش معه داخل المرآة المشؤومة في غرفة نومها وجنونها يزداد قوة ويكبر كل يوم.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى