فن وثقافة

حسن الحديث وأدب الطلب.. “من سلسلة سفينة المعرفة

وقت النشر : 2021/09/29 02:33:39 AM

حسن الحديث وأدب الطلب. “من سلسلة سفينة المعرفة”

بقلم: ممدوح الحوتي

أعزائي القراء الكرام طبتم وطاب مسعاكم وأهلا ومرحبا بكم في رحلة جديدة على متن سفينة المعرفة حيث تبحر بكم السفينة اليوم إلى شاطئ جديد من شواطئ العلم و المعرفة ،إلى شاطئ حسن الحديث وأدب الطلب.

مما لا شك فيه أن رحلتنا اليوم من أهم الرحلات على الاطلاق ..وموضوع مقالنا اليوم.حسن الحديث وأدب الطلب ، من أهم الموضوعات التي صارت تعاني منها المجتمعات العربية عامة ..والمجتمع المصري على وجه الخصوص..فصرنا نرى عدم الاحترام ..وسوء الأدب يكاد يكون ..إن لم يكن بالفعل ..ظاهرة تفشت بشكل عجيب ،وكأننا ما تعلمنا في ديننا ولا في مدارسنا ولا جامعاتنا ولاحتى في بيوتنا شيئا مهما ..وركيزة أساسية من ركائز ديننا الإسلامي الحنيف ..وهي حسن الحديث وأدب الطلب.

 

انتشار العادات السيئة:

ونرى العبارات البذيئة صارت تتردد في الشوارع والبيوت على لسان الأطفال والشباب والكبار من الجنسين للأسف الشديد ..ولسنا بصدد أن نعزي السبب لمن؟!!
فأظنكم تعلمون الأسباب جيدا ..وهي معلومة للقاصي والداني .
ولكنني وكما تعودت معكم دائما في رحلاتي معكم..ومقالاتي إليكم ،دائما ما أحب أن أبعث إليكم الأمل وأحيي روح التفاؤل والاطمئنان..عل أن يستفيد أحد مما نقوله ويؤثر كلامنا في عقول متفتحة وذكية نقية ..فيتحسن سلوك أحد أو يتغير فكره من سال إلى إيجاب لينفع نفسه وأسرته وبيئته ومن ثم بلدنا الغالي مصرنا الحبيبة.

 

غياب الوعي الديني والمجتمعي:

وفي ظل غياب أدوار مهمة لبعض المؤسسات ..في الوعي الديني و المجتمعي نحاول أن نبعث بصيص أمل وشعاع من نور يضئ الطريق أمام أجيال أراها متحطمة ويائسة بكل المقاييس مما يروه البعض منهم أو يعانونه من متاعب الحياة،وأزمات متلاحقة .

عزيزي القارئ ..
‏حاول ألا تدخل في معارك مع أرحامك وأقاربك ،فهذه المعارك المنتصر فيها مهزوم ،ثم يتوارث هذه الهزيمة من بعدك الأبناء والأحفاد والأجيال بشكل ربما غير مقصود ولكنه يسبب نتائج غير مرجوة وغير محبوبة ،لذلك أحسن إليهم ،ثم تجاهل مايزعجك ،وإن أذاقوك مرارة إسائتهم.

واعلم ..بل وتيقن أن الدنيا لاتدوم لأحد،وان والفائز هو من يغادر هذه الدنيا ،والجميع يذكره بالخير .

ولننظر لل​أخلاقيات الرفيعة​ونتعلم منها فقد قيل لرجل : ما نراك تعيب أحدا ؟ فقال : لست راضيا عن نفسي.. حتى أتفرغ لذم الناس .

 

نماذج للقدوة:

ونموذج آخر لابد أن نعلمه أبناؤنا ويكون هذا منهجنا وسلوكنا في الحياة .. قال الولد لأبيه :
صاحب القمامة عند الباب ،
فرد الأب : يا بني نحن أصحاب القمامة ،و هو صاحب النظافة جاء ليساعدنا .

أبن نحن من هذه السلوكيات التي كادت أن تختفي من بيوتنا بل ومن قواميس أعرافنا ..والتي ملأت الشوارع والحارات للأسف

فحقا..لا يحتاج الإنسان إلى شوارع نظيفة ليكون محترما ، ولكن الشوارع تحتاج إلى أناس محترمين لتكون نظيفة .

فنصيحتي إليك أيها الشاب ..وأيتها الفتاة ..كن في الحياة كاللاعب وليس كالحكم ،
لأن الأول يبحث عن هدف ، و الآخر يبحث عن خطأ .

بالادب وحسن الطلب أعزائي موضوع شائك ومهم ..وتغييره ليس بالأمر اليسير على الإطلاق ..لكن بقوة العزيمة والإيمان بالله نستطيع ،نقاط الماء تنحت الصخر ليس بقوتها
ولكن بتواصلها ، فالكلمة البسيطة والأفعال الطيبة بدوامها تفتح القلوب وتذيب الصخور

وهكذا تمر الحياة ..ونحن في غفلة من أمرنا، وتضييع وهدر للأوقات.

وتذكرني هنا قصة جميلة من تراثنا الذي لا يعرف عنه أبناء الجيل إلا القليل..أو ربما فقط الاسم ..اسمع معي هذه القصة القصيرة الجميلة ..لنتعلم حسن الحديث وأدب الطلب.

القصة والعبرة:

وتبدأ القصة حين وقفت أمرأة علي باب احد أمراء بني أمية وقالت للحاجب أخبر الأمير أني أخته.. أطلب لقائه.. والخادم يعلم جيدا أن الأمير ليس له أخوات ،
فاخبره الخادم، فقال الامير ادخلها ..فلما دخلت قال كيف تكونين أختي وليس لي أخوات ؟!!!

فقالت أنا أختك لآدم ..
فقال رحم مقطوعة..و والله لأكونن أول من وصلها.

وهنا نتعلم من المرأة آداب الطلب..انظر وتمعن وافهم جيدا ما قالته تلك السيدة..

فقالت المرأة أيها الأمير :ربما يخفي علي مثلك
أن الفقر مر المذاق
من أجله وقفت مع زوجي علي باب الطلاق
فهل عندكم شيئ ليوم التلاق؟
فما عندكم ينفد وما عند الله باق.

فقال الأمير أعيدي.. فأعادت
ثم قال أعيدي فأعادت
ثم قال أعيدي فأعادت
حتي أعادتها ثلاثا..ثم قال أعيدي.. فقالت حسبك أيها الأمير
أظنك قد فهمتني وفي الإعادة مذلة وما تعودت المذلة ،إلا للواحد الديان.

فقال نعم فوالله ما غاعجبني إلا حسن حديثك وأدب طلبك
ووالله لو أعدتي حديثك ألف مرة لأعطيتك عن كل مرة ألف درهم .

ثم قال لرجاله أعطوها من الإماء عشرا،ومن العبيد عشرا،ومن الجمال عشرا،ومن النوق عشرا،ومن الغنم ما تشاء،ومن المال فوق ما تشاء،لنعمل شيئا ليوم التلاق ،فما عندنا ينفد وما عند الله باق.

إلى هنا نسدل الستار عن هذه القصة ..لتعلمنا هذه المرأة درسا من أعظم الدروس في أدب الحديث وحسن الطلب .

دمتم في أمان الله.

زر الذهاب إلى الأعلى