أخبار مصر

الحلوى حلوى

وقت النشر : 2022/12/26 02:46:55 AM

الحلوى حلوى

بقلم: حاتم الغيطاني

ذهبت صاحبة السبعين عاما إلى مكتب البريد كعادتها كل شهر، لتأخذ معاشها، ثم توجهت إلى السوق واشترت حاجات الأسبوع، واشترت كيسا من قطع الحلوى، عادت إلى البيت ووضعت حاجاتها ثم أخذت كيس الحلوى، وضعته في جيب جلبابها،
جلست على عتبة باب الدار، ووضعت في يدها قطع الحلوى ثم أخذت تنادي على أطفال الحارة وهم منشغلون في لعبهم، ولهوهم صادحة: يا سلمى، يا لانا، يا ندى، يا مالك، يا هنا، يا مروة، يا يارا، يا أحمد، يا بودي، يا شكشك، يا ولاد..

وما إن سمع الأطفال صوتها حتى ألقوا ما في أيديهم من لعبهم، ونزعوا أنفسهم من لهوهم، واتجهوا إلى صاحبة الصوت دفعة واحدة فرحين مهللين بنغمة واحدة ( تيتا كريمة قبضت، تيتا كريمة قبضت، هاهاها ) وانقضوا عليها ملتفين، وأخذت تيتا كريمة توزع عليهم الحلوى كعادتها كل شهر، وقد التف حولها أطفال الشارع أغنياء وفقراء صانعين مهرجانا، وحفلا غنائيا يتقاطر منه الحب و السعادة في أعين الأطفال و عيني تيتا كريمة اللتين لمعتا بدمع خفيف يلمع بالسعادة الغامرة؛ لأنها تحب البسمة البريئة على أعين الأطفال، وهم ليسوا فقراء يحتاجون للطعام والحلى فبيوتهم تمتلئ بالخيرات، ولكنهم يحبونها لحبها الصادق الذي تذوقه هؤلاء الأطفال البرآء بقلوبهم الرقيقة التي لا تعرف الكذب، ولا المداهنة، ثم انصرف عنها الأطفال إلى لعبهم، ولهوهم فرحين مهللين بنفس النغمة ( تيتا كريمة قبضت/ تيتا كريمة قبضت، هاهاها).
وظلت تيتا كريمة تجلس على عتبة البيت تنادي على الذاهب، والآيب تعرفه، أو لا تعرفه؛ لتعطيه الحلوى (خد يا حبيبي بالهنا، والشفا) وهي تنظر إلى فرحته التي ترتد على شفتيها ببسمة ملائكية، ثم تظهر على لمعة عينيها الممزوجة بدمعة تقطر عسلا من عسل الجنة التي أعدها الله لأصحاب القلوب اللينة.

زر الذهاب إلى الأعلى