أخبار مصرمقالات متنوعة

المأساة السورية التركية بين الإيمان بقضاء الله ونظرية المؤامرة

وقت النشر : 2023/02/14 05:56:16 PM

المأساة السورية التركية بين الإيمان بقضاء الله ونظرية المؤامرة

كتب: عبير سعد

اهتزت قلوبنا خوفًا وهلعًا وتعاطفًا منذ أيام حين رأينا بأم أعيننا ما آلت إليه أحوال سوريا وتركيا الشقيقتين الإسلاميتين، وكيف تبدلت الأحوال في تركيا في غمضة عين من الاستقرار والهدوء لقمة الضياع والفقد والخسارة، وكيف نالت الخطوب من العزيزة سوريا فأضافت مأساة جديدة لطابور طويل من المآسي التي ترزح تحت نيرها منذ سنوات طوال.

المأساة السورية التركية بين الإيمان بقضاء الله ونظرية المؤامرة
المأساة السورية التركية بين الإيمان بقضاء الله ونظرية المؤامرة

آلاف الأسر باتت بين جريح وقتيل ومشرد، قبيل شروق فجر جديد، تُزلزل آلاف المنازل فتتداعى فوق أبدان أصحابها، آلاف الصور التي تغتال قلوبنا حزنًا وقهرًا، أمام سطوة الطبيعة القاهرة للإنسان، الذي مهما تخيل أنه ملك من قوة وسطوة فرضها على الأرض من حوله، فكم من أب فقد جميع أفراد أسرته! وكم من طفل طالته أصابع اليتم فاغتالت أحلامه وأمنه! وكم من أحلام دُفنت تحت أنقاض منازل كانت تعج بالحياة منذ لحظات! وكم من ناجٍ خرج من تحت الأنقاض ليموت قهرًا على ذويه، إخوانه، أولاده، جيرانه، أصدقائه، حين تلفت من حوله فلم يجد منهم أحداً! كم من أسرة سورية نالت منها ويلات الحرب والتشرد والضياع لتزداد معاناتها بويلات أخرى جديدة حين فقدوا جدران منازل كانت تقيهم الموت بردًا لتتحول إلى قبور تضمهم وأحبابهم.

المأساة السورية التركية بين الإيمان بقضاء الله ونظرية المؤامرة
المأساة السورية التركية بين الإيمان بقضاء الله ونظرية المؤامرة

فاجعة إنسانية طافت صورها الأرض من مشرقها لمغربها، فتفاوتت ردود الأفعال عليها، فكلٌ يدلي بدلوه، فمن يراه ابتلاء من الله واختبار للإيمان الساكن قلوبنا ويجب أن نشكره عليه إيمانًا منا بقضائه سبحانه، ومنهم من يراه عقاب للبعض على الطغيان والظلم، فكانت الزلزلة تذكره من الله لعلهم ينتهون، ومنهم من تبنى نظرية المؤامرات وحاول الترويج لها فهذه زلازل مصطنعة بقوى علمية وتكنولوجية متقدمة في يد البعض يتلاعبون من خلالها بمصير البشرية وفقًا لمخططات وأجندات بدأوا في تنفيذها على أرض الواقع ليكونوا ملوك العالم والمسيطرين عليه.. فما هي الحقيقة المستترة وراء هذه الأحداث الموجعة؟

 

الحقيقة الثابتة الوحيدة في هذا الكون أن كل ما فيه إنما يسير بمشيئة الله ووفقًا لأقداره التي خطها في كتاب رُفعت أقلامه منذ الأزل، مهما كانت أسبابها وبيد من تُنفذ، فالنتيجة الحتمية واحدة؛ إنها أقدارنا التي خطت على جبين كل منا، فلا مفر ولا مهرب منها إلا إلى جوار الله ومعيته، الفارق الوحيد هنا أن كل منا يختار كيف يستقبلها ويتفاعل معها أيشكر أم يكفر، أتكون طريقة للرجوع إلى الله أم للقنوط والبعد عن طريقه القويم؟ إنه الإمتحان الأصعب الذي سيبين صدق الإيمان من ضعفه، وفقًا لقوله تعالى “أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون” ..سورة العنكبوت الآية 2.

إنها الفتنة الكبرى التي قدرها الله على عباده، فقد تعددت آيات الابتلاء في القرآن الكريم لتكون لقلوبنا منارة ترشدها للطريق القويم، ففي قوله “ونبلوكم بالشر والخير فتنة” سورة الأنبياء آية 35، وقوله “ولنبلوكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين” الآية 31 من سورة محمد، كلها آيات بينات تدعونا لنتشبث بإنسانيتنا وإيماننا، ولنتضرع إلى الله نسأله لطفه بعباده فيما جرت به المقادير، ونسأله أن يثبتنا على الإيمان حتى نلقاه فيكافئنا بالفوز العظيم كما وعدنا وهو الحق ووعده الحق.

زر الذهاب إلى الأعلى