أخبار مصر

تغريد الكروان: الكذب أساس كل الشرور

وقت النشر : 2023/10/18 11:58:26 AM

تغريد الكروان: الكذب أساس كل الشرور

 

بقلم/دعاء الشاهد

 

 

(الكداب بيروح النار، وأنت بتكدب ليل ونهار).

هذا مقطع من أغنية كنا نرددها في صغرنا، ومازال الأطفال يرددونها حتى الآن. كانت تعلمنا منذ نعومة أظافرنا أن الكذب حرام، ومع ذلك هناك من كبروا ومازالوا يكذبون ويصرون على الكذب.

إن الكذب يعد سرقة وخيانة ومخالفة للضمير،

هو إدعاء بالباطل وتلفيق للتهم كما يعد تزوير.

هو قلب للحقائق المؤكدة وتغيير.

إن الكذب تندرج تحته كل المفاسد، وكل تدمير.

كيف يتأتى لهم ذلك؟ ومن أين لهم القدرة على تزييف الأفعال والأقوال؟، ألا يخافون الله -عز وجل- ألا يعلمون أنه مطلع على ما تخفي الصدور؟ أليس لديهم اليقين بأن هناك يوما للحساب. ومن العجيب أنهم يقسمون بالله عند كذبهم، ليكون الذنب ذنبين.

إن الكذب هو فساد للذمم والأخلاق، فالمؤمن لا يكذب لأن ذلك دليل على ضعف إيمانه وعلى هشاشته وفراغه الداخلي.

ودائما ما نجد الكذاب مهزوزا مرتبكا مهما كانت جرأته في الحديث، يتلعثم في كلماته التي تتبدل وتتغير في كل لحظة، فهو عديم الثقة في نفسه، ولن يصمد أمام الحقيقة طويلا وسيخر صريعا؛ ليندم على كذبه الذي أصبح جزءا منه، لأنه قد اعتاد عليه وعلى ممارسته في حياته ومع الناس، ولكن وقت الندم قد فات، وكلما يمر الوقت سيفتضح أمره وتفوح رائحته النتنة، فليس للكذب أرجل وسيقع صاحبه لا محالة مهما حاول إتقان كذبه، فإنه لن يستطيع إخفاء الحقيقة لأن الغبار الذي وضعه عليها سيتطاير لتنكشف واضحة، ويشتهر بين الجميع بأنه فلان الكذاب.

إن الكذاب يقف على أرض رملية حباتها ضعيفة وسوف تغوص فيها قدماه حتى تبتلعه.

  إنما المؤمن الصادق قوي بصدقه، صوته عال لا يهاب أحدا لأنه يعرف أن صدقه سينجيه، فهو واثق من نفسه، واقف على أرض صلبة بصدقه الذي هو من صفات الإيمان.

إن الكذاب قد نشأ وتربى على كذبه منذ صغره داخل أسرته، فأين كان التوجيه والإرشاد للخلق القويم؟ أم أنه وجد أبويه يكذبان أمامه، فاكتسب هذه الصفة منهما، ومن شب على شيء شاب عليه.

لقد حرم الإسلام الكذب، فهو كبيرة من الكبائر وآفة مذمومة تكون نهاية صاحبها في النار، ويكون ملعونا ومطرودا من رحمة الله.

قال تعالى: (قتل الخراصون) أي لعن الكذابون. وقال تعالى: (إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب).

قال تعالى: (ومن أظلم ممن اشترى على الله كذبا).

إن الكذب نفاق، قال -صلى الله عليه وسلم-: “آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان”.

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال العبد يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا”

(رواه البخاري ومسلم).

وكان سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه يقول-: “لأن يضعني الصدق -وقلما يضع- أحب إلى من أن يرفعني الكذب -وقلما يفعل-“.

يقول الشاعر:

لبعض جيفة كلب خير رائحة

                      من كذبة المرء في جد وفي لعب.

يقول أندريه جيد:

المنافق الحقيقي هو الذي لا يدرك خداعه لأنه يكذب بصدق.

إن الإنسان الذي يبيح لنفسه الكذب تأكد أنه يفعل كل شيء قبيح في الحياة، ولا يتوانى عن ذلك، فقد باع نفسه للشيطان الذي استحوذ على عقله فنجده يدبر المكائد والمصائب للأخرين بكل خبث ومكر.

أيها الكذاب لا تغتر بكذبك، فإنه لن ينفعك بل أنت ترخص من نفسك لأن الجميع سيحتقرونك، فالكذب من شيم الأصاغر وليس من شيم الأكابر.

أيها الكذاب اتق الله وأعلم أنه يراك ويرى كذبك وفجورك.

 اتق يوما ترجع فيه إلى الله تعالي، يوم يعض الظالم على يديه.

اللهم اجعل تدبيرهم في نحورهم واكفينا شرورهم

اللهم اكفينهم بما شئت، وقتما شئت، كيفما شئت فإنك على ما تشاء قدير.

زر الذهاب إلى الأعلى