أخبار مصر

مسلسل “لوتشيا” الحلقة التاسعة

وقت النشر : 2023/10/26 01:27:11 PM

مسلسل “لوتشيا” الحلقة التاسعة

بقلم: الكاتب الروائي حسن العربي

استدعت صوفيا الدكتور ضياء الطيب المشرف على الرعاية الصحية داخل المنتجع لكونه شابًا لطيفًا؛ ولما عرفته عنه من أخلاقٍ حميدة يشهد لها الجميع، كما أنَّها تعرف أنَّهُ درس الإيطالية ويتحدثها بطلاقة، والذي قامَ بالكشفِ عليها ثم توجه إليها بلغةٍ إيطالية صحيحة تصحبها جمل بالعربية تعودت أن تسمعها منذ أن وصلت إلى مصر، ولا تعرف ما تعني تحديدًا، ولكن تعرف تقريبًا أنَّ الكل يتلفظ بها.

الحمد لله…حضرتك المسألة بسيطة، وسوف أكتب لك دواء وإن شاء الله تتماثلين للشفاء سريعًا.

ارتاحت لوتشيا لسماع كلماته بالإيطالية، كما ارتاحت له من أول كلمة نطق بها وقالت:

– أشكرك يادكتور ولكن آلام البطن تقتلني!

– أعلم جيدًا أنَّها شديدة، وسوف أعطيك مسكنًا، وتأكدي؛ إن شاء الله، أنَّهُ لن يمر يوم واحد حتى تعودي إلى صحتك ونشاطك.

كم أتمنى ذلك، فالآلام تعصر معدتي عصرًا.

شعر الدكتور ضياء بأنَّ من واجبه الذهاب فورًا وإحضار الأدوية من العيادة الداخلية رأفةً بها، وبالفعل استأذن وخرج مسرعًا، وغاب لبضع دقائق، ثم عاد وأعطاها مسكنًا ومهدئًا للمعدة، وودعها قائلاً:

– إلى لقاء، وإن شاء الله أمر عليك غدًا لأرى كيف حالك.

– إلى اللقاء.

رغم الوعكة التي كنت أمر بها إلَّا أنِّي لم أرهبه، بل على العكس، شعرت براحة تجذبني إليه، ولم يصبني ذلك الرعب الذي كنت أشعر به في حضرة أي رجل، كما دار بخلدي نظراته التي لم يتفحصني بها أبدًا، لقد كشف علىَّ دون أن ينظر إلى وجهي أو تفاصيلي، ولو لمرة واحدة، وأكادُ أقسم أنه لو رآني مرة أخرى لن يعرفني.

ثم بدأ مفعول المهدئ.

استيقظت في اليوم التالي، وكأنَّ شيئًا لم يكن، وكان طبيبي محقًّا فيما وعد؛ فلم أشعر بأي ألم، وقد ارتاحت معدتي وتبخرت كل الآلام، كما توقع الطبيب غريب الأطوار، وإذا بالباب يدق، فسمحت له بالدخول، وكما وعد إذا به يفي بوعده ويحضر ليرى حالتي:

– كيف حالك اليوم؟

– بخير، كما توقعت أنت يا دكتور.

– الحمد لله إن شاء الله طهور.

– ماذا؟!

– أبدا هذا دعاء خير، إن شاء الله تكونين بخير.

– أشكرك.

– هذا رقمي الخاص، قد لا تحتاجينه، لكن لو وجدت أي ألم اتصلي بي على الفور، وفي أي وقت.

– شكرًا جزيلاً.

– عفوًا تحياتي.

وانسحب سهلًا كما دخل سهلًا، وانطلق عائدًا كما جاء، وحتى في هذا اللقاء لم ينظر إلىَّ،  وكان يختصر الكلمات ولا يزيد، هو مقتضب في كل شئ.

من هو هذا المخلوق الغريب؟!

أعود أسائلُ نفسي: ولِمَ لا ينظر إلىَّ وأنا أعلمُ أنَّني جميلة؟! لكن الأغرب أنِّي في وجوده أشعر بنوعٍ من الأمان لم أتعوده! لا بد أن أسأل عنه صوفيا!!

الحقيقة أنَّني انشغلتُ به أكثر من انشغالي بما كنت قد عزمت عليه، وجاء انتقامي في المرتبة التالية بعد أن كان شاغلي كله!

كان لاهتمامي به أسباب كثيرة أولها هي تقبلي له وهو رجل مثل كل الرجال الذين كُنتُ أرتعشُ رعبًا إذا وُجدت مع أحدهم منفردة، ثم هذه الراحة التي أشعر بها وهو يحدثني وأنصت إليه، بل ووددت أنَّهُ يطيل، كما جذبني إليه أكثر إهماله لي بعدم نظره إلىَّ وهو يعالجني.

وكنت أداعبني قائلة في نفسي:

– ربما يكون السبب الحقيقي هو دقات قلبي التي تغير وَقعها منذ رأيته ثم أضحك.

زر الذهاب إلى الأعلى