أخبار مصر

آفة جديدة أسموها “تكوين”

وقت النشر : 2024/05/12 10:17:29 AM

آفة جديدة أسموها “تكوين”

بقلم: أحمد المنزلاوي

طبيعي جدًا لما تيجي وأنت في القرن الحادي والعشرين تقرأ نصًا ما من نصوص التراث أنك تفهمه بمعارفك وخبرتك ومفاهيمك الحاضرة في الوقت الحالي..

الأستاذة التي قرأت أن من أبناء السيدة خديجة “هند وهالة” فحسبت أنهما بنات.. طبيعي أن تفهم ذلك.. أي واحد ليس عنده علم بما وراء ذلك سيفهم ذلك.. لأنه في الوقت الحاضر تغلب التسمية بهند وهالة على الإناث..

أنا شخصيًا لو قرأت النص دون معارفي وثقافتي الشرعية والتاريخية لفهمت ذلك لأول وهلة..

لكن المشكلة الحقيقية هي أن تكتفي بقراءة نص قديم ثم تفسره بما يتبادر لذهنك!

المشكلة هنا في آلية الاشتغال على النص..

المشكلة هنا بتعاضد العلوم وتكاملها..

يعني إيه؟

يعني لما تقرأ نص قديم.. تروح تفهم تفسيره..

لو قرأت آية تقرأ تفسيرها.. متجيش تقولي إن ربنا حينما يقول: “احشروا الذين ظلموا وأزواجهم”.. معناه زوجاتهم سيحشروا معهم عشان حضرتك متعرفش معنى للكلمة غير كدا.. فلازم تقرأ التفسير فتعرف إن الأزواج يعني: الأمثال.. فيحشر كل واحد مع شبيهه.. شارب الخمر مع شارب الخمر.. والزاني مع الزاني.. إلخ..

لما تقرأ حديث تروح تشوف شرح العلماء عليه..

لما تقرأ شعر تشوف الشروح والمعاجم اللغوية بتقول إيه في الأصل اللغوي للكلمة.. متجيش تقولي: متبول يعني محطوط في التوابل!

طيب هنعرف هند وهالة منين؟

هنيجي لموضوع “تكامل العلوم الإسلامية” وخدمة كل علم للآخر..

مهو لو حضرتك درست الأحاديث النبوية هتلاقي روايات فيها ذكره بما يمنع اللبس.. فمن أطول الأحاديث في وصف سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديث هند بن أبي هالة، قال سيدنا الحسن بن علي: سألت “خالي” هند بن أبي هالة -وكان وصَّافًا – عن حلية النبي، وأنا أشتهي أن يصف لي منها شيئًا أتعلق به..

شوفت كلمة “خالي” دي.. مش خالتي يعني… وهو خاله لأنه أخو بنات النبي من أمهم خديجة.

كذلك لو حضرتك درست في كتب الرجال وعلم الجرح والتعديل هتعرف..

هتلاقي ابن حجر في كتاب الإصابة في معرفة الصحابة يذكر هالة بن أبي هالة فيقول:

“قال أبو عمر: له صحبة. وقال ابن حبّان: هالة ابن خديجة زوج النّبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم له صحبة “. [الإصابة 6/ 406].

لو درست في الأنساب والطبقات هتعرف.. إلخ

يبقى الموضوع مش كتاب سيرة أنت بتقرأ منه وتحكي..

ولا حديث تقرأه وزي ما تفهمه.. ولا كلمة في بيت شعر قمت هبدت لها هبدة.. ولا آية فكرت إن معناها كدا عشان أنت فهمك كدا..

لا..

هي علوم تخدم بعضها بعضا..

لازم ترجع للفهم الزمني المطابق لذلك مش فهمك انت اللي اتغير..

عشان كدا قالوا زمان: لا تأخذ العلم من صحفي ولا القرآن من مصحفي!

أهي الجملة دي لو قرأتها دلوقت بفهمك هتظن إن المقصود بصحفي الذي يعمل بالصحافة.. لكن معناها الذي يقرأ من الصحف أي: الكتب دون أن يتعلم من المشايخ والعلماء.. يبقى فهم الكلام لازم يكون له مرجعية.

ودي فكرة التخصص والدراسة اللي التنويريين مش قادرين يقتنعوا بيها.. ومفكرنها فهلوة فبالتالي يأتون بالمضحكات..

اللي هيضحك هنا اللي فاهم.. هيضحك ملء فيه عشان أنت أظهرت له إنك أجنبي عن العلوم اللي بتحكي فيها.. وإنك حقيقي بصمجي.

لكن اللي مش فاهم مش هياخد باله من اللي حصل وهيسقف لمدعي العلم ويتخدع فيه.. عشان كدا بنقول حذروا وفهموا الناس..

الموضوع بسيط جدًا جدًا أيها التنويريون..

خلاصته..

اتعلموا قبل ما تتكلموا.

زر الذهاب إلى الأعلى