ديني

الخفاء مع الله طريق أولياء الله

وقت النشر : 2021/09/30 02:59:39 AM

الخفاء مع الله طريق أولياء الله

بقلم: ممدوح الحوتي

أعزائي القراء الكرام طبتم وطاب مسعاكم وأهلا ومرحبا بكم على متن سفينة المعرفة حيث تبحر بكم السفينة هذه المرة إلى شاطئ جديد من شواطئ العلم و المعرفة مع مقال جديد نبحث فيه عن طريق الخفاء مع الله ..وهو طريق أولياء الله ..لنرى كيف ساروا ..فصاروا؟
“كيف ساروا على طريق الخفاء مع الله..فصاروا أولياء لله”

.قال ابن المبارك: عليه رحمة الله
“رأيت مالكًا فرأيته من الخاشعين، وإنما رفعه الله بسريرة كانت بينه وبين الله، وذلك أني كثيرًا ما كنت أسمعه يقول: من أحبَّ أن يفتح له فرجة في قلبه، وينجو من غمرات الموت، وأهوال يوم القيامة، فليكن في عمله في السر أكثر منه في العلانية

وهذا بيان قوي بأن عملك في السر بينك وبين ربك له نتائج كثيرة وقوية وعظيمة لدرجة أنها تنجيك ، كما جاء  في تفسير الآية التي تقول : ﴿ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ﴾ [الزمر: 47]،

فقد قيل : عملوا أعمالاً وحسبوا أنها حسنات، فإذا هي سيئات، وكثيرا ماهم ،وهذا الصنف من الناس موجودون بكثرة ،فتراهم يعملون الأعمال يشوبها الرياء مثلا والمباهاة..أو يمنون على أنفسهم وعلى الله بعملهم، ويحسبون أنهم يحسنون صنعا.ولا يدرون أن هذا ما بدا لهم، وما تخيلوه أنه عمل صالح، فهو مردود عليهم.

الخفاء نعيم الأولياء

قال سفيان: ويل لأهل الرياء من هذه الآية ” وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون “الزمر ، إذا ..ينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ويلتزم ماهو فيه من الذكر والصلاة ولايمل ، فإنه بالتزامه ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان: “إن كيد الشيطان كان ضعيفا”.

وهنا نتذكر قول ابن كيسان: لا تستكثر عملك فتراه من نفسك، إنما عملك منة من الله عليك، إذ جعل الله لك سبيلا إلى عبادته، ما أجمل قول بن كيسان إذ يجعلنا  نتأمل قول الله تعالى : “ولا تمنن تستكثر”   أي  عملك، فإنك لا تعلم ما قُبل منه، وما رُد منه فلم يقبل..

لذلك عزيزي القارئ ..تزود من الحسنات قبل الندم،فورود النّاس الحوض وشربهم منه يوم العطش الأكبر سيكون بحسب ورودهم سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشربهم منها …فمن وردها في هذه الدنيا وشرب منها وتضلّع ورد هناك حوضه صلى الله عليه وسلم وشرب أيضا وتضلع.

فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم له حوضين عظيمين :حوض في الدنيا : وهو سنّته وما جاء به، وآخر في الآخرة فالشّاربين من هذا الذي في الدنيا، هم من سيشربون  من حوضه يوم القيامة فشارب ومحروم ومستقل ومستكثر

نصر الله جل وعلا في القرب منه

فكل من اتبع الرسول صل الله عليه وسلم : فالله كافيه وهاديه وناصره، ورازقه؛ وله نصيب من “لا تحزن إن الله معنا”.وهذا هو طريق الأولياء ..فخُذْ حِذْرك من الدنيا وأقبل على الآخرة ، فعشاق الدنيا بين مقتول ، ومأسور ..”فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر.”

استفد ،وأفد.. فرب كلمة تحيي أمة..‏لن تسعد في الحياة حتى تكون قريبا من الله جل وعلا وعلى الدنيا السلام

 وإذا أصبح العبدُ وأمسى وليس همّه إلا الله وحده،تحمّلَ اللهُ عنه سبحانه حوائجه كلها ، وحَمـل عنه كـل مـا أهمّه ، وفرغ قـلبه لمحبتِه ، ولـسانه لـذكرِه ، وجـوارحه لطـاعته ،وعلى النقيض  في الوجه الآخر ، أما إن أصـبح وأمـسى والـدنيا هـمّه ..شاهد وتخيل.. حـمّله الله هـمومها وغـمومها وأنكادها ووكّـله إلى نفسه ، فـشغل قـلبه عن محبته بمحبة الخلق ، و لسانه عن ذكره بذكرهم ، وجـوارحه عن طاعته بخدمتهم وأشغالهم ،فهو يكدح كدح الوحوش في خدمة غيره.

ياااااا الله..شتان أحبائي بين هذا وذاك..

 فأهل البر أو الأبرار عموما ..في النعيم وإن اشتد العيش وضاقت عليهم الدنيا ، وكذلك ترى الفجار في جحيم وإن اتسعت عليهم الدنيا.


و نصيحتي لك ..انطوي كثيرا من الخلق، وليس كل الخلق، حتى لا يفهم الكلام على غير محمله ..وكن مع الخالق لكي لاتندم يوما” ما وتعض على أصابع الندم إذ ﻻﺑﺪ للعبد ﻣﻦ ﺃﻭﻗﺎﺕ ﻳﻨﻔﺮﺩ ﺑﻬﺎ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻓﻲ خفاء تام مع الله ومع ﺩﻋﺎﺋﻪ، ﻭﺫﻛﺮﻩ، ﻭﺻﻼﺗﻪ ،ﻭﺗﻔﻜﺮﻩ،ﻭﻣﺤﺎﺳﺒﺔ نفسه، ﻭﺇﺻﻼﺡ ﻗﻠﺒﻪ، ﻭﻣﺎ ﻳﺨﺘﺺ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﺭ .

فمن أعرض عن الله بالكلية ، أعرض الله عنه بالكلية ، ومن أعرض الله عنه ؛ لزمه الشقاء والبؤس.فأهل الطاعة في نعيم العبادة يتلذذون.

وختاما..أقول لكم أحبابي..
أهم مضغة.. أو قطعة خلقها الله لك وهي القلب ..راجعه جيدا ..فإذا صح القلب من مرضه، ورفل بأثواب العافية، تجد الجوارح كلها تتبعه ، فإنها تصلح بصلاحه، وتفسد بفساده.ألا أن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ..وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ..
فعمروا قلوبكم بذكر الله والأذكار، وحب القرآن وأهله ..وحب النبي وآله ،و الخير وأهله ..والعلم وآله..واجعل عملك في الخفاء..خاليا من الرياء ..تسلك طريق الأولياء.

دمتم في أمان الله.

زر الذهاب إلى الأعلى