أدبي

ذِكرى

وقت النشر : 2022/10/15 10:54:50 AM

ذِكرى

بقلم: مونيا بنيو

رسمت صورًا كثيرة. ولوَّنت قلوبًا عديدة. سألتني صديقتي “منى” عن سبب ابتعادي عن “إبراهيم” وعن القلوب التي كانت تزين كتبي. والقلب الأحمر الذي كان يتدلى في سلسالي لسنوات  عن سببِ ابتعادي عنه وفسخ خطبتنا. فقلت بصوتٍ ممزوج بالحسرة:
ما رأيكِ أن أخبرك عن القلوب التي تملأ قلبي، أخبركِ بجديدي وأحلامي بدلًا من الذكريات الموجعة. وإبراهيم الذي أضحى بعيدًا بُعد السماء عن الأرض؟.
قالت منى:
أخبرني إبراهيم أنك كل أحلامه، وأنك ابنة قلبه. أخبرني بأنك هدية الله له. والفرحة التي لم يفرح بمثلها أبدًا. لقد انتشلتِه من الضياع والوحدة. وملأتِ فؤاده بالفرح بعد ما يئس من أن يتخطى كل ما كان يعيشه من حزن دام لسنوات بعد رحيل والديه.
اتصل بي ذاتَ يوم يطلب مني أن أخبرك أن تسارعا في كل شيء، وأن تُتما الخطبة، وأن ثقلًا على صدره وأحلامًا تنبئ بفراقكما. كان خائفًا جدًا من حلم يعيد نفسه، والشوق يتأجج بداخله، والخوف والقلق يخنقان أنفاسه. نعم، أخبرني بذلك. لكنني سألته: كيف يفرِّق الحلم قلبين طالما اعتادا على البقاء؟! فأجابني بنبرة خوفٍ وانكسار أنه حلم يتكرر، وتفسيره يؤكد أشياء تزلزل روحه.

ضحكتُ وتطايرت ضحكاتي وأنا كالمجنونة أسخر منه، لكنهُ كان متشائمًا، شاردًا. منكسرًا.
لم يبادلني حتى البسمات. ولم يبالِ بسخريتي وبفرحي ومرحي، بل كأنه خسرك فعلًا بينما أنت بين يديه، وكانت كلماته ممزوجة بالحزن.
بعد مصادفة ربانية وبعد عدة سنوات التقينا، لكنه أخبرني أن الحلم تحقق، وأنها رؤية. وأن كل ذاك الخوف لم يكن من نسج خيال، بل ذلك ما قدَّره الله. لم تكن مجرد أوهام، بل إنه القدر.
فسبحان الله الذي يغير من حال الى حال!.
قال:
لقد تعرضت لحادث بعد سفري لإتمام أوراق السفر لأكملها قبل زواجنا، ففقدت ذاكرتي. وبقيت لسنوات لا أعرف حتى اسمي، وبعد عشر سنوات من العلاح والبحث والمساعدة من طرف الكثيرين شفيت والحمد الله، لكن بعد أن تدمر قلب حبيبتي وتزوجت هربًا من العنوسة. وهي اليوم أم وزوجة تحب زوجها الذي أنساها غدري وخذلاني لها. وأنا كما أنا، أو أقل. وكل ما أتمناه لها حياة سعيدة.
قلت:
لا تلم نفسك. ولا تحملها أكثر من طاقتها، قدّر الله وماشاء فعل  فما عليك إلا ان تبني حياة جديدة.
قال:
لا يمكن؛ لأنني لم ولن أستطيع أن أتجاوز كل ما عشته معها، وكل الأحلام التي أزهر قلبي بفضلها. القدر أكبر منا أحيانًا. فأنا اليوم أسير ذاكرة لا يمكنني تجاوزها.

ذِكرى بقلم: مونيا بنيو
ذِكرى
بقلم: مونيا بنيو

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى