أدبي

أيقونة الصبر الجميل

وقت النشر : 2022/10/08 10:53:04 PM

أيقونة الصبر الجميل

بقلم: مصطفى نصر

يعد نبي الله أيوب عليه السلام أيقونة صبر على المكاره. فهو لم يستسلم أبدا لقسوة الأقدار. جاءه في يوم واحد: عدة أخبار كارثية، كان سينهار بسبب واحدة منها فقط أي أنسان غيره أو يفقد عقله، لكنه كان كل مرة ينطر إلى السماء يشكو إلى الله وهو يقول: اللهم أعطني الصبر كله حتى لا أموت قهراً. هاجم اللصوص الرعاة الذين يرعون ماشيته، وقتلوهم وسرقوا الماشية، لم يقل إلا الحمد لله على كل حال.

نزلت الصواعق من السماء فأحرقت محصوله وأصبحت أرضه يباب، فلم يقل سوى الحمد لله على كل حال. إنهار المنزل على أبنائه وبناته جميعاً وهم يأكلون فماتوا جميعاً، فلم يقل سوى الحمد لله على كل حال. ضعف جسده وامتلأ بالدمامل وأصبح الجميع يفرون منه، ما عدا زوجته التي ما وهنت وما استكانت وهي في خدمته، لم يقل سوى الحمد لله على كل حال.
جاءه إبليس يوسوس له: ماذا فعلت لتصاب بكل هذا؟ .. عله يضعف ويقول ما يغضب الله، لكنه وضع الكرفس على أذنيه حتى لا يستمع لتحريضه.

استشاط إبليس غضبا لهذا الصبر الأسطوري، فانتقم منه بأن ذهب لأهل قريته ووسوس لهم بأن هذا الرجل نحس وسيجلب الشؤم للقرية كلها. لابد أن تطردوه، فطردوه من بيته شر طردة. خرج إلى الفضاء معدما فقيرا بعد حياة كلها رغد. ونصب خيمة في العراء لم يقل سوى الحمد لله على كل حال.

جلس تحت الخيمة مريضاً مهدودا لمدة أشهر متطاولة. وباعت زوجته كل شيء حتى أثاث المنزل للحصول على الطعام. حتى أنها اضطرت أخيرا لبيع ضفائرها لتشتري رغيفين من الخبز، لم يقل إلا الحمدلله على كل حال.

تحامل على نفسه وقف بآخر نفس في صحته المنهارة ورفع يديه للسماء (ياااااارب مسني الضر) (مسني الضر ياااارب وأنت أرحم الراحمين). انفتحت أبواب السماء فجأة، للذل والانكسار في دعائه. وجاءه ملك من السماء يسلم عليه ويقول له: يقول لك رب العزة: أضرب برجلك الأرض واغتسل من النبع البارد وأشرب منه. فعل ذلك بأخر طاقة بقيت معه من المرض الطويل. فانبثق نبع شرب منه، فغادرة المرض وذهبت عنه الدمامل. وأصبح مشرقا حتى أن امرأته لما جاءت ووجدته قائما بهذا النضار والجمال والشباب سألته:

سيدي هل رأيت أيوب؟ قال لها أنا أيوب تعالي وأدخلي في النبع. دخلته فعاد لها شبابها ونضارتها. واخضرت الأرض من جديد وزرع وفلح فامتلأت الارض بالخيرات وعادت السعية من الماشية أكثر مما كانت. وانجب البنات والبنين وعم الخير بالصبر. فأصبح مضرب المثل في الصبر الجميل.

وبعد: فإن الإنسان معرض طوال حياته للعديد من الفتن والابتلاءات. وهو يحتاج طوال رحلته لعبادة مهمة اسمها “الصبر”. وهي تجارة رابحة مع الله جعل الله تعالى عاقبتها في الدنيا محبّة الله ورضاه عن عبده الصبور. وتأييده بنصر الله ومعية الله في كل شؤون حياته. وصلاة الله على الصابرين وهو سيكون سبباً في إنزال الرحمة عليهم. وإضافةً إلى ذلك البشرى الإلهية للصابرين بالعاقبة الحميدة في الآخرة جزاء صبرهم على ما يكرهون في الدنيا إذ جعل الجنان جزاءهم جزاءً موفورًا بعد استيفاء أجرهم على صبرهم دون حساب.

أيقونة الصبر الجميل بقلم: مصطفى نصر
أيقونة الصبر الجميل
بقلم: مصطفى نصر

زر الذهاب إلى الأعلى