مقالات متنوعة
أخر الأخبار

قراءة نقدية في اسرار صياغة مقال رفيع “١٠- ١٠”جدلية الشكل والمضمون (١)

وقت النشر : 2023/04/10 04:37:40 PM

قراءة نقدية في اسرار صياغة مقال رفيع “١٠- ١٠”جدلية الشكل والمضمون (١)

بقلم: مصطفى نصر 

قراءة نقدية في اسرار صياغة مقال رفيع “١٠- ١٠”جدلية الشكل والمضمون (١)

 

هل شكل المقال مهم أم مضمونه؟

كلاهما بالطبعِ مهم، لأنَّ العشر ثواني الأولىٰ من نظرِ القارئ للمقالِ هي تقييمٌ سريعٌ من القارئ يُبنىٰ علىٰ شكلِ المقالِ دون مضمونه،

في هذه العشر ثواني يكون مصيرُ مستقبل المقالِ ومدىٰ استمرارِ القارئ في المتابعةِ والقراءةِ متصل أكثر بوضوحِ المقالِ وراحةِ البصرِ في تصفحه،

ومدىٰ اتساعِ مساحةِ البياضِ أو ضيقها، وحُسن التصميمِ الفني بحُسنِ توزيع العناوينِ الرئيسيةِ والفرعيةِ وألوانها المُختارة بعناية

، وصدِّقني صديقي القارئ إنَّكَ قد تَهزُمَ مقالك بالشكلِ فقط أحيانًا، فينفرُ منه القارئ حتىٰ لو كان مضمونه رفيعًا جدًا، لذا ينصح المهتمون بالمقالِ بالشكلِ والمضمونِ معًا “١” 

إذًا فإنَّ أولَ حقيقةٍ يجبُ أن نضعها في الاعتبارِ، هي أنَّ شكلَ المقالِ لا يقلُ أهميةً عن مضمونه.

وسنتناول أولًا شكلَ المقالِ قبل أن نتناول موضوعه. إذا أمعنتَ النظرَ في أي مقال، ستجد أنه يأتي وفقًا للقاعدةِ التي استَنَّها “ديل كارنتيجي” وهي: “٢” مقدمة وعرض وخاتمة:

(1) في المقدمة: أخبِرهم بما ستخبرهم به

1. Tell them what you are going to tell them

(2) العرض: أخبرهم

2. Tell them

(3) الخاتمة: أخبرهم بما أخبرتهم به

3. Tell them what you have told them

وبمعنىٰ آخر تتكونُ المقالةُ من التالي:

(1) المقدمة (2) العرض (3) الخاتمة.

 

1. المقدمة:

تَخيَّل أنَّكَ دعوتَ أحدَ أصدقائك إلىٰ نزهة بالسيارة، وبمجرد أن استقل سيارتك، انطلقت بالسيارةِ دون أن تخبره بالمكانِ الذي ستذهبان إليه،

ففي هذه الحالة فإنَّ صديقَكَ سَيُصابُ بالإرباكِ لأنَّهُ لا يعرفُ أين ستنتهي به الرحلة.

إنَّ فقرةَ المقدمةِ تعمل بمثابةِ العنوان حيث تُطلعُ القارئَ إلىٰ أين تأخذهُ في الرحلة التي سيمضيها معك، فالمقدمة تعمل علىٰ تهيئةِ الراكبِ ليستعدَّ ذهنيًا لما ستُطلعهُ عليه في الفقراتِ اللَّاحقةِ من المقال،

ومن الضروري أن تكونَ المقدمةُ مشوقةً ولٰكنَّها واقعية، بحيث لا يُصابُ القارئُ بخيبةِ أملٍ إذا وجد أن خاتمةَ المستندِ لا تتفق مع الوعد الذي قطعتهُ لك في المقدمة؛

أو المذكرة، لأن ذلك سيساعدُ القارئَ علىٰ استيعابِ التفاصيل التي ستطرحها في فقراتِ العرضِ.

2.العرض.

ويجب أن تكونَ الفقراتُ متسلسلةْ بشكلٍ منطقي، بحيث تكون فقرة (أ) قبل فقرة (ب) ثم تتبع ذلك فقرة (ج) وهكذا، فمن الشائع أن يعتمد الترتيب في المقال علىٰ التسلسلِ الزمني،

حيث تكونت الوقائعُ الأقدمِ أولًا، ثم تتوالىٰ حتىٰ تصلَ لأحدثها زمنًا.

وقد يعتمد الترتيبِ علىٰ الأهمية، حيث تبدأ بالمواضيع الأكثر أهمية، ثم ما يليها في الأهمية وهكذا.

وذلك كلُّهُ يعتمدُ علىٰ طبيعةِ المقالِ، بسبب أنَّ تركيزَ ذهن القارئ يقلَ مع توغلِهِ في المقال، حيث يكون التركيز في أشده في الصفحات الأولى وفي الصفحةِالأخيرة.

3. الخاتمة:

يتَّفقُ العديدُ من الخبراءِ علىٰ أنَّ تركيزَ القارئ يكون في أشدٍّهِ في الصفحاتِ الأولىٰ،

ثمَّ يقل بصورةٍ تدريجيةٍ في الوسطِ حتىٰ يصلَ لأدنىٰ مستواه، ثمَّ يرتفعُ مرةً أخرىٰ في نهايةِ المقال.

ولذلك تكون الحاجةُ لفقرةٍ تُلخص للقارئ ما قدمته لهُ لتعوضَ فترةَ الإنخفاضِ، ولكي تغتَنم فرصةَ عودةِ التركيز وذلك من خلالِ الخاتمة، التي تُلبي احتياجَ القارئ؛

ملخص لكل ماتقدم، حيثُ يتضح لنا أنَّ الشكلَ جزءٌ لا يتجزأ من المضمونِ في عمليةِ الكتابةِ بصفةٍ عامة.

مِن واجبكَ مساعدة عين القارئ علىٰ القراءة، فالقراءةُ عمليةٌ مرهقةٌ للعين، وإذا تَعبت العينُ فإنَّها ستتوقفُ عن المواصلة، لذلك فإنَّ عليك مساعدة عين القارئ وذلك من خلال التالي: “٣”

(1) اختيار الخط والقياس المناسبين: بالنسبةِ للكتابةِ باللُّغةِ العربية، فإنَّ الخط (TimesNew Roman) أو خط (Areal) يجعلان الكتابة واضحة،

وهو نفسُ التأثيرِ في الكتابةِ باللُّغةِ الإنجليزية. عليك بتجنبِ الخطوطِ المزخرفةِ غير الرسمية، وفي جميع الأحوال يجبُ مراعاة الاتساقِ في جميع نواحي المستند

بحيثُ لا تتنقَّل بين الخطوط، بل عليك باستخدامِ نوعٍ واحدٍ في جميعِ صفحاتِ المستند.

بالنسبةِ للقياسِ فإنَّني أرىٰ أنَّ القياسَ 14 أو 16 مناسبين، أمَّا في اللُّغةِ الإنجليزية فإنَّ قياس 12 أو 11 هما الشائعين في الكتابات الرسمية،

كذلك فإنَّ لونَ الخطِّ يجب أن يقتصر علىٰ الأسودِ في الكتابةِ والابتعادِ عن الألوانِ لأنَّها من قبيل البهرجة، ولأنَّها تفقِدُ قيمتها عند النسخ.”٣”

علىٰ قسمِ الرفعِ والسيو والتخطيط إذن يقعُ عبءٌ كبيرٌ في نجاحِ أو فشلِ مقالك وهذا ما سنتناوله في المقال القادم.

إلىٰ لقاءٍ قريبٍ إن شاء الله

——————

المراجع:

“١” انظر مثلا د. محمد محمد سلام، فن المقال بين الأصالة والتطور ص ٣ وما بعدها، مجلة الدراية الصادرة من كلية الدراسات الاسلامية والعربية دسوق، رقم العدد (١٥) العام ٢٠١٥م

“٢” ديل كارينجي – فن الخطابة – ٦٤ ط مكتبة جرير للنشر والتوزيع المملكة العربية السعودية يناير ٢٠١٥م

“٣” أيمن عبد الرحمن خير- خمس مهارات لكتابة قانونية رفيعة، ص٦٦ الطبعة الأولى دار ويلوز هاوس القاهرة ٢٠٢٢م

“٤” د. محمد يوسف نجم، فن المقالة ص ٣٩، الطبعة الرابعة ١٩٦٦ دار الثقافة بيروت

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى