أخبار مصرمقالات متنوعة

“بطعم الحنين” بقلم: ولاء عبد المنعم

وقت النشر : 2023/09/20 10:54:54 PM

بطعم الحنين

بقلم: ولاء عبد المنعم

ذهبت لمحل الحلويات الغربية تشتري بعضًا مما تحب من الحلوى، وقفت في منتصفِهِ تبحثُ هنا وهناك في جميع الأرفف تتَحَسَّس تلك الرائحة الزكية التي تُخالط أنفها منذ فترةٍ وهي تبحث عنها، أين تجد تلك الرائحة التي تحملُ بعبيرها رائحةَ الذكريات الجميلة؟.

كانت تتذكرها وهي تبتسم وتشتهي وتذوبُ في مذاقِها دونَ تذوق، إقتربَ منها البائعُ وسألها عن أي نوعٍ تبحث ؟!
وقفت تنظر إليه وقد سبحت في موجٍ من الذكريات العارمة اجتاح قلبها بحنينٍ هادئ يُدغدِغُ القلب، وفي عدةِ لحظاتٍ اقتطعت سنوات عدة أخذتها إلى حلواها المفضلة، إلى الرائحة التي سالَ منها لعابها وهي ابنة الخمس، تُداعِبُ أنفها وهي تقف على طرفِ المنضدة المتراصِّ عليها كثير من الأنواع التي تشتهيها.

تذكرت ملامحها الطفولية التي كانت تُظهر برائتها، وجنتيها الحمراوين ويدها البضة وعينيها النجلاء وثغرها السليماني ترتسم عليه بسمة سعادة في حفلةٍ ليومِ ميلادِ صديقة أختها. رغم صغرِ سنِّها إلَّا أنَّها تذكرت الموسيقى وتصفيقَ المدعوين وكيف كانوا يقفون، وكيف كانت تقف هي تلهثُ لتأكلَ من تلك الحلوى الملونة على شكل اسطواني مغطاة بالكريمة المخفوقة وقطع الفورماسيال الصغيرة التي كانت تعشقها، وزجاجات المياه الغازية التي تنتشي من مذاقِها مع تلك الحلوى، لم يمنعها فضولها كطفلةٍ من النظر حولها لترى الجميع يقف منتظر أميرة الحفل التي ستُطفئُ شمعَ أعوام من عمرها مضت لتستقبل عامًا جديدًا وهي سعيدة بحضور أصدقائها وأقاربها.

كانت منبهرةً بفقراتِ الحفل وكيف أنَّهم صنعوا لصديقتهم يومًا مُمَيَّزًا وصنعوا لها ذكرى رائعة، التقطوا الصور للجميع حتى هي نالها من الصورِ التذكاريةِ العديد، لم تنس أي شئ من هذه الحفلة لأنَّها كانت الأولى بحياتها التي حضرتها، المكان الزمان الرائحة وآه من تلك الرائحة التي خالطت أنفها وروحها واتعجنت بذراتِ كيانِها ولم يُنسيها الصخب والموسيقى وعيناها الفوتوغرافية التي أخذت من كل مكان وموقف من الحفل ذكرى تلك الحلوى بل إنَّها ما برحت مكانها من أمامها، فهي ستتقاتل من أجلِ قطعةٍ واحدة.

ظلَّت واقفةً أمامَ الأرفف وكأنَّ الزمنَ وقف عند هذه الذكرى، ما لبثت تتذكر وعلى مُحيَّاها إبتسامة أظهرت نواجزها حتى قاطعها البائع بصوت مرتفع:
• _سيدتي!
•فانتبهت وابتسمت إبتسامةً هادئةً لتُجيبَهُ :
• بأنَّها تريدُ قطعةَ حلوى برائحةِ الماضي والحاضر ممزوجةً بعطرِ المكانِ والزمانِ، مزدانةً بقطعِ البراءةِ الجميلة، ملامح الطفولة البريئة، أرادت أن تتذوق قطعةَ حلوى بطعمِ الحنين.

زر الذهاب إلى الأعلى