أخبار مصر

مسلسل “لوتشيا” الحلقة الحادية عشر

وقت النشر : 2023/11/02 04:27:37 PM

مسلسل “لوتشيا” الحلقة الحادية عشر

بقلم: الكاتب الروائي حسن العربي

كانت صوفيا ترغب في دعوة لوكا من باب المجاملة ليس إلا، رغم علمها بأخلاقه، بل وعدم احترامها له، فقد زرع كراهيته في كل مكان وضع فيه قدميه، ولم يزده تقدمه في العمر إلا إجرامًا وطغيانًا، حتى أصبح مكروهًا من كل من يحيطون به، سواء من الأجانب أو المصريين، خاصة ممن يعملون عنده أو يعيشون حوله.

كان يداوم على ركوب دراجته في كل صباح كنوع من التريض حتى لا يفقد نشاطه وحيويته، فكان يخرج من الفيلا مرورًا بمنحدر إلى الكورنيش حيث يتوقف عند أحد الكافيهات المشهورة ليشرب الاسبرسو ويأكل قطعة الكرواسون، إفطاره اليومي، ثم يعاود طريقه إلى الفيلا يتأهب ليومه الذي كان من المعتاد أن ينتهي به ثملًا.

كنت أتحسس سماع صوت الأذان وأقوم لأرى الشروق على البحر، كنت أشعر أنني ولدت هنا، وأن الماضي بدأ يتوارى، وأن إشراقة الحياة جاءت لتحتضنني، كنت أتعجب من مشاعري وراحتي وانشغالي بطبيبي!

بعد كل شروق كنت أبحث عنه سائرة بين طرقات المنتجع، حتى رأيته صدفة، فقد جاء مبكرًا هو الآخر، لمحني عن بعد ثم تقدمت نحوه وألقيت عليه السلام بالعربية الركيكة بعد أن كنت أكرره كلما سمعته:

– السلام عليكم.

– عليكم السلام، أراكِ مبكرةً!

– نعم أعشق متابعة الشروق والغروب على الشاطئ وقدمي تغرس في الرمال بين أمواج البحر.

– نعم أنا أيضًا أحب هذا الوقت من اليوم، تكون القلوب فيه صافية تتوجه إلى الرحمن، وبعد صلاة الفجر أحب المشي على الشاطئ.

لا أذكر ماذا حدث تحديدًا، فإذا بنا نتوجه إلى الشاطئ ثانيةً، ونتبادل أطراف الحديث في صحبة نسيم عليل تعطرت رائحته لا أدري ماذا قلنا، ولكني أعرف بم أشعر كلما كنت في صحبته، أما هو فقد انطلق يشرح لي بكلمات بسيطة حياته ويومه وصلاته وكثيرًا من الأمور الروحانية التعبدية التي لم يحدثني عنها أحد من قبل، فأثار حديثه كثيرًا من التساؤلات عندي، فانطلقت أسأله وهو يجيب:

أذكر أول مرة التقينا ولم تنظر إليَّ، الأمر الذي اعتبرته أنا تجاهلًا.

– أبدًا؛ أنا لا أتجاهل أحدًا إطلاقًا، لكنني أغض البصر كما يرشدني القرآن الكريم.

– نعم قالت لي صوفيا إنك ملتزم، فأنا لم أكن أفهم تصرفاتك، وكنت أعتبرك غريب الأطوار، أما الآن ونحن نتحدث فقد تغيرت وجهة نظري تمامًا.

– الحمد لله.

طال الحديث بيننا وأكثرت عليه السؤال، وكانت ردوده كلها مقنعة تمامًا، فسألته إن كان لديه من الوقت ما يستطيع أن يعرفني فيه بالقرآن والإسلام وتعاليمه؛ فإن كل ما أعرفه كان من إعلام غير منصف على الإطلاق، ثم تواعدنا أن يكون هذا اللقاء يوميًّا على الشاطئ عند الشروق.

زر الذهاب إلى الأعلى