أخبار مصر

صديقي العزيز

وقت النشر : 2023/11/08 08:49:17 PM

صديقي العزيز

بقلم: سامية عشماوي

صديقي العزيز:
أكتبُ إليك رسالتي بعد السنوات المائة وربما الألف، الحقيقة لا أدري ما عددها.
كُنتُ أعدُّ الأيامَ اترقب حدوث المعجزة وتحقيق نبوءة تلك الغجرية الهاربة من جوف الخيال.

لكن بدأتُ أنسىٰ كم صباح مر وكم مساء أربكني في انتظار هذا الظل المنبعث من الضباب البعيد، فباتت الأمسيات تتململ ضجرًا وتنفث تاففها في وجهي..

يقولون أنِّي احترفُ اليأسَ، وأنا أقولُ بل امتهنت الصبر وتجرعت مرارته كثيرًا في انتظار سراب.
لا تحكم على أحد أنت لم تعش خيباته ومرارة انكساره
نعم انا امتهنت الصبر
فأنا امرأةٌ تعرف جيدًا كيف توائم الأيام وتهادن الظروف،
اتدثَّرُ بالسلام في غمار الحرب وانثر القمح رغم أنف الخريف،
أضحكُ حتى الإعياء، وأنا التي تعاني نزفَ أحلامٍ لا ينقطع، كل يوم أقبضُ حفنة فراشات وأضعها في أكف الشمس الباردة،
فتنطلق ترسم السماء ربيعًا ضاحكًا في وجوه المارة والناجين من فك الحياة.
لا يهم أن ترد السقاء لغيرك وأنتَ الميت من الظمأ.
أنا أحترفُ الغياب في كهوف الذكريات، أنتقي أجملها،
أُعلقها على جدران بيتي تميمة تجذب الحظ المكبل وراء النهر.
صديقي:
إنَّها المرةُ الألف التي يبتلعني فيها محيط الخيبة ورعونة الخذلان،
أعودُ في كل مرة مثقلة بالحزن مرهقة من عناء الصمود و المقاومة.
أعلمُ أنَّ لا أحد يصدق أن هنالك أبرياء.
فالكل مذنب حتى وإن ظهرت براءته
هكذا أصبحَ الحال وهكذا أضحت القوانين..
صديقي لا عليك من هذا الهذيان
كيف حالك؟
علمتُ أنَّكَ لحقت بركب الناجين من شهوة الحياة،
وأصبحتَ إحدىٰ النسخ الكربونية تدور في فلك العادة بلا ملل.
هل تشعر بالسعادة؟!!
لا أدري أعتقد أنَّ الحياة تحتاج إلىٰ نزق الثائرين، وأبطال التمرد،
أعتقد أن الروتين الممل هو موت قبل الموت.
…والسلام.

زر الذهاب إلى الأعلى