إليكَ ومِنكَ وبكَ يا مَن لستُ أَدري ما أُسميهِ:
أُخبِرُكَ أنِّي وبكامِلِ ضَعفي وبأوجِ هَزيمتي، قد أَنصَتُّ حتىٰ عَرفت، ولمَّا تَداركت فواللهِ قد تَلَجَّمت، وأنا الآنَ وبحقِّ ربِّ مُحَمِّدٍ فقد أيقَنتُ وتَيَقَّنت، ما كُسرِ فينا بالأمسِ لن يَعودَ كما كُنَّا في سالِفٍ مِن العَهد؛ أَلا فقد نَقَضنا الوَعد، فلا كَفَّارةً لنا ولا صِيامًا يُبَلِّغُنا السَلامةَ مِن البُعد.
لستَ بجانٍ يا عَزيزَ الروحِ لستَ أنت، وبرُغم ما تَمَلَّكني مِن الخوفِ الذي لم أعهدهُ معك، ورُغمَ تَوقُّفِ كُلِّ حواسي عن الإدراكِ أو المقاومةِ أو حتىٰ الفِرار، إلَّا أنَّني لم أُبالي إلَّا لهاتينِ المُقلَتينِ الحزينَتينِ المُحَمَّلتين بالخذلانِ وتِلكَ الأجفانِ المُتعَبةِ التي كساها الرَّمَقُ الحَزين؛ فلا سَامَحني اللهُ يا عَزيزَ نَفسي ويا قَريرَ قلبي.
أُقسِمُ لكَ بكُلِّ أيمانِ العاشقينَ وبِجُلِّ ذِكرِ الزاهدينَ ومُناجاةِ شارِدٍ في البِيدِ يَتَحرىٰ السَبيل، وأُشْهِدُ رَبَّ القلوبِ ومُدرِكَ الصدقِ في وَسطِ الغُيوم، أنَّني يا كُلَّ كُلِّي سأنحَني كي لا تَميل، وأموتُ كَمدًا ولا أراكَ بحُزنٍ ولا أراكَ بقلبٍ عَليل. وإن حَدَّثَتك اللَّيالي عَنِّي وكُنتَ لها مُجيب، فاذكُر لي بَعضَ وِدٍّ واذكُرني مع غيابِ شَمسِ الياسَمين.
