ديني

من كذب ومن صدق.. في سورة العلق..من سلسلة سفينة المعرفة

وقت النشر : 2021/09/30 03:40:04 AM

من كذب ومن صدق.. في سورة العلق..من سلسلة سفينة المعرفة

كتب: ممدوح الحوتي

أعزائي القراء الكرام..طبتم وطاب مسعاكم..وأهلا ومرحبا بكم على متن سفينة المعرفة حيث تبحر بكم السفينة اليوم إلى شاطئ جديد من شواطئ العلم و المعرفة..ومقال جديد نستمتع فيه برائعة من روائع سورة العلق ..نرى فيها من توعد فكذب،ومن توعد فصدق .

نعلم جميعا أن أباجهل كان يمنع النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة منذ أول يوم رآه يصلى في الحرم،وكان دائما ما يقف له بالمرصاد ، وذات مرة.. مر أبو جهل بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلى عند المقام فقال‏:‏ يا محمد، ألم أنهك عن هذا؟!!!، وكان قد نهاه عن الصلاة عند الكعبة.وتوعده ” أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى”

فما كان رد فعل النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي على حق وصدق .. فأغلظ لــه رسـول الله صلى الله عليه وسلم وانتـهره بشدة ، فقال‏ له أبو جهل :‏ يا محمد، بأي شىء تهددنى‏؟‏ أما والله إني لأكثر هذا الوادى ناديًا‏.‏.. فأنزل الله ‏”كلا لئن لم ينته لنسفعنْ بالناصية ناصية كاذبة خاطئة فَلْيَدْعُ نَادِيَه سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ‏”سورة العلق .

وجاء في رواية أخرى .. أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بخناقه وهزه، وهو يقول له‏:‌‏ “أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى‏ ” (‏القيامة‏:‏34، 35‏)

فقال عدو الله ‏:‏ أتتوعدنى يا محمد‏؟‏ والله لا تستطيع أنت ولا ربك شيئًا، وإني لأعزّ من مشى بين جبليها‏.‏ ‏

ولكن رغم هذا ..ورغم غضب النبي منه..ورغم أنه نهره ..إلا أن أبو جهل لم يكن ليفيق من غباوته بعد هذا الانتهار، بل ازداد شقاوة فيما بعد‏…‏ فجاء فيما أخرجه مسلم عن أبي هريرة قال‏:‏ قال أبو جهل‏:‏ أيعفر محمد وجهه بين أظهركم‏؟‏

فقيل‏:‏ نعم، فقال‏:‏ واللات والعزى، لئن رأيته لأطأن على رقبته، ولأعفرن وجهه،وهذا توعد شديد..بل وتحدٍ صريح للنبي صلى الله عليه وسلم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلى، وهذا أبو جهل الذي زعم ليطأن رقبته لو رآه يصلي ،

 فما فجأهم إلا وهو ينكص على عقبيه، ويتقى بيديه، والهلع والخوف على وجنتيه ،فقالوا‏:‏ ما لك يا أبا الحكم‏؟‏ قال‏:‏ إن رأيت أن بينى وبينه لخندقًا من نار وهولًا وأجنحةً،

 فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لو دنا منى لاختطفته الملائكة عضوًا عضوًا‏)‌‏.‏

لذلك قال الحق تبارك وتعالى ” فليدع ناديه ..سندع الزبانيه.. كلا لا تطعه واسجد واقترب ..فكان أبو جهل هو من كذب..وكان نبي الله صلى الله عليه وسلم هو من صدق .وهو الصادق المصدوق .

وهنا إشارة عظيمة..ودرس هام،نتعلمه من هذه الآيات العظيمة في هذه السورة العظيمة، ألا وهي أنه رغم أن هذه الآيات نزلت في أبي جهل ولكننا نجد أن هذا أيضًا يصدق على كل من كان بهذه الصفة، إذ إن الناس على مراتب، فمنهم من يكون على الإيمان والعمل الصالح، ويأمر بذلك، يعني يدعو إليه، وينهى عما يخالفه فهذه أعلى المراتب.

يأتي بعده في المرتبة من كان على الإيمان، ولكنه لا يدعو إليه، ولا ينهى عن خلافه، فهو لا ينهى عن المنكر، ولا ينهى عن الشرك ولا ينهى عن الكفر، ولا يدعو إلى الإيمان والمعروف.

و بعد ذلك تأتي المرتبة الثالثة وهي: من كان على المنكر والضلال، لكنه لا يدعو إلى ضلال أوباطل، ولا ينهى من كان على الهدى.عن الحق والصدق والهدى

وأخيرا تأتي مرتبة بعدها وهي أشرُّ المراتب: وهي أن يكون الإنسان على ضلالة، ثم هو يدعو إليها، وينهى من كان مهتديًا، عن الهدى، فهذا يكون بمنزلة الشياطين، بل هو شيطان، فهذا فعل الشياطين.

والشياطين كما نعلم أنواع ..فقد يكونون من شياطين الإنس أومن شياطين الجن، كما هو معروف ، فكل ضال يدعو إلى الضلالة، أو ينهى عن المعروف والفضيلة، وينفر الناس منها فهو شيطان، فهنا: “أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى ،عَبْدًا إِذَا صَلَّى” فالذي ينهى هو أبو جهل،..وهو من كذب .. ينهى من ؟ ينهى النبي صلى الله عليه وسلم وهو من صدق .. أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى هنا هذا في النبي صلى الله عليه وسلم يعني هذا الذي تنهاه: أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَى ، أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى ،فهو يدعو إلى خشية الله وطاعته، ولم يصدر منه ما يوجب نهيه،لذلك فهو من صدق ، صلى الله عليه وسلم.

دمتم في أمان الله.

زر الذهاب إلى الأعلى