أدبي

سكتة دماغية

وقت النشر : 2022/05/02 11:06:39 PM

سكتة دماغية
بقلم: مصطفى نصر

 

كان يتوقع كما هي العادة دائما في جميع

المرات السابقة ألا يجد اسمه بين

المقبولين للوظيفة في لوحة الإعلانات،

كان قدره دائما ألا يجد اسمه، وكان

راضيا تمامًا بقضاء الله وقدره، إذ أنه في

كل مرة كان يقابل الأمر بالرضاء التام، إذ

أنه وصل إلى قناعة بأن عدم حصوله على

وظيفة لم يكن يومًا بسبب تقصيره هو،

بل بسبب عدم نزاهة مسابقات التقديم،

إذ يسمع دائما من كل المتقدمين الذين لا

يقبلون أن هذه الوظائف تفصَّل سلفا على

مقاس أناس محددين من الأقارب

والمحاسيب تكون عقود عملهم قد وقعت

مسبقًا، وليست المقابلات التي تتم سوى

تمثيلية صغيرة يجملون بها وجه

المؤسسة أمام الرأي العام، كمؤسسة

تطبق مبدأ العدالة بين المواطنين في

شغل الوظائف العامة.

 

كان دأبه الدائم فور قراءة الإعلان في

الصحف أو عبر مواقع التواصل

الاجتماعي، هو أن يذهب في الزمان

والمكان المحددين بكل دقة ومسؤولية

ليقدم طلبه مستوفيا كل الشروط التي

تضعها المؤسسة، أو أن يرسل كل ما هو

مطلوب عبر البريد الإلكتروني للذين

يفضلون التوظيف أون لاين، ثم يتابع

طلبه إلى حين تحديد المقابلات

التحريرية والشفهية، فيحضر لكل

المقابلات بأحسن هندام ممكن حتى يكون

مظهره مشجعا للقبول، ويؤدي الاختبارات

بعد استرجاع وافٍ لما درسه في الجامعة؛

حتى تكون إجاباته موفقة، ورغم ذلك لم

يكن يقبل، ولا حتى مجرد أن يجد نفسه

في القائمة القصيرة لمن تم اختيارهم

لمقابلة نهائية وفاصلة.

 

هو هذه المرة أمام أمر مختلف تماما، إذ

أنه جاء لمراجعة لوحة الإعلانات كما

قالت له لجنة المقابلات بعد أسبوع من

تاريخ المعاينة، فوجد اسما حاول التأكد

من صحته عدة مرات، فوجد أنه يطابق

اسمه الرباعي تمامًا في مقدمة قائمة

المقبولين بمجموع ٩٦.٥٪؜ في الاختبارين

الشفهي والتحريري، غالط نفسه مرتين

بأنه قد يكون هنالك خطأ ما حدث، لكنه

ما إن يقرأ البيانات المكتوبة أمام هذا

الاسم حتى يتأكد أن المقصود هو بشحمه

ولحمه من واقع تاريخ ومحل الميلاد

المطابق له تماما، بالإضافة لنفس المؤهل

وسنة الخدمة التطوعية الوحيدة خدمة

للوطن التي قضاها بالمجلس البلدي

موظفا بقسم الأرشيف.

 

ذات صلة

هذه المرة كانت المفاجأة صعبة عليه؛ لم

يستطع قلبه تحمل هول المفاجأة، لقد

سقط من طوله بصورة مفاجئة كما

شرحت شابة كانت تقف إلى جواره

بجانب لوحة الإعلانات عشرات المرات

لكل من سألها عما حدث، محملة الحكومة

كامل المسؤولية عن قتله، إذ لا يمكن أن

يقدم خبر قبول أحدٍ في وظيفة انتظرها

طويلا دفعة واحدة دون أن يسبق الأمر

تهيئة وإرهاصات أولية حسب وجهة نظر

هذه الشابة.

 

نعم سوف تسجل أضابير التاريخ أن

المفاجأة التي لم يتم التمهيد لها أودت

بحياة هذا الشاب القصيرة التي لم

تتجاوز حتى ساعة وفاته العشرين عاما

وشهرين وخمسة أيام، قبل أن يحظى

باستلام أي راتب واحد في حياته كلها،

رغم أن كل أحلامه سواءً في اليقظة أو

المنام كانت تدور حول تسلمه راتب

الوظيفة التي يتخيل أنه قبل بها.

 

زر الذهاب إلى الأعلى