أدبي

حائط السحت

من حكايات مصر المحروسة

وقت النشر : 2023/02/25 02:36:21 PM

بقلم: حاتم الغيطاني

كان جارنا عمي شكشك – كما يسمونه أهل المنطقة – قد أحضر عمال بناء؛ ليرمم جدارًا في بيته قد هُدِم… ولكن قطع الطوب الذي أحضره للبناء قد نفدت واحتاج لحوالي خمسين قطعة من الطوب…؛ فأمر عمال البناء بأخذ الطوب من عند جاره الذي بيته تحت الإنشاء وبه مواد بناء ولا حارس هناك، ولا صاحب البيت موجود…

فحملوا العمال قوالب الطوب في وقت الظهيرة وكان القيظ قد حجب الناس من الخروج وأغلقت نوافذ البيوت بسبب ارتفاع حرارة الجو…

ولكن صغار الأطفال في شرفتنا شاهدوا هذا السطو أخبروني قائلين : عم شكشك يسرق الطوب يا أبي.. فقلت لهم بعدما تيقنت، و رأيته يقف ينظر وكأنه قطع عينيه إلى مائة عين ليرقب النوافذ والطريق ولكنه تغافل عن عين لا تأخذ صاحبها سِنَةٌ ولا نَوْمٌ..
فقلت لصغاري : ربما استأذن عم شكشك صاحب الطوب، وإن لم يستأذنه، فلا بركة في بناء من سحت…

سيرينا الله عاقبة ذلك…
انتهى العمال من البناء لجدار معظمه من حلال، وبعضه من سحت….
سافرت ليلًا لمهمة عمل، وأنا عائدًا من السفر اتصل بي الصغار وقالوا : يا أبي صدق قولك حائط السحت وقع صدقت يا أبي؛ فاندهشت، وقلت لهم كيف حدث؟ فقالوا لي: دخل الليل وكانت سيارة تسير في الشارع انحرف قائدها، وأصاب حائط عم شكشك؛ فهدمه، ثم هربت السيارة، ونزل عم شكشك يلعن، ويسب السيارة وصاحبها الذي أبق بالفرار…

ذات صلة

ورأى الأطفال أثر السحت عمليًا…

ففي الصباح جاء عمال البناء مرة ثانية، وأحضروا قوالب طوب جديدة، ومواد البناء الأخرى، وأعادوا البناء من جديد، وأُلقيت قوالب الطوب بجوار البيت وقد تكسرت حرامها فوق حلالها….

جمع الحرام على الحلال؛ ليكثره…

دخل الحرام على الحلال؛ فبعثره.

اقرأ أيضًا:الأرز والدائرة

               من👈  هنا 

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى