أدبي

القصيدة الأخيرة

وقت النشر : 2022/08/22 06:08:25 AM

القصيدة الأخيرة

بقلم: سعيد إبراهيم زعلوك

لا أخاف الظلام، ولا الكائنات المريبة التي يتحدثون عنها، تأتي بعد منتصف الليل، تراقب العابرين في الحديقة، فتنقض عليهم بكل قوة،

لكن أخشى أن يخونني الحرف، وتضيع من شفتي الكلمات، فلا أنهي حروف قصيدتي العتيقة.

المخاوف تتسرب لقلبي، ها هنا على الجدران، في غرفتي المظلمة، يا لهذا الشعور القاتل! أكاد أجن، وقلبي كاد أن يتوقف، وقطرات العرق تتصبب فوق سطح جبيني، وعروقي ترتجف.

هذه أول مرة أحس بالعجز أمام الكلمات وأبياتِ الشِّعر، يسرقني إحساس فظيع أن روحي ستخونني وتهاجر للملكوت قبل أن أكمل منجزي الأخير، حروفي تنهار أمامي.

ماذا سأفعل لو حدث ما تنبأت به والحبيبة تنتظر بشغف، ماذا سأقول في قصيدتي، وكيف سيكون وصفها الأخير لها؟ لقد وعدتها أنني سأخلد جبينها العذب، وعينيها، والقرط الذي يتدلى من وراء قصيدتي، وصورا لشعرها الذهبي، وثغرها العجائبي.

لو مِت قبل أن أفعل هذا، هل ستسامحني، وتمنح قلبي صك الغفران لكاتب هاوٍ مثلي؟!

ربما تأخر الوقت بعض الشيء، لكن كنت أنتظر أن أنتقي الكلام المقفى، وأختار الكلمات الرائعة، لكنها البلاغة أخرتني قليلا.

لا داعي للقلق؛ سيبزغ الفجر عما قريب، وتنسج الشمس خيوطها الذهبية، وأنهي ما تبقى لي من كلام، وسيبارك الله هذا الأمر، وبعدها، أهرع لغرفتها قبل أن تتفتح عينيها، وأول ما ستسمعه هذا اليوم الجديد، هو ما كتبت، لتبارك حروفي، ويكتب لها الخلود.

في الصباح، سأقول لها: أنا هنا.

زر الذهاب إلى الأعلى