أدبي

للنُّورِ أنتِ

وقت النشر : 2022/08/25 08:25:32 PM

للنُّورِ أنتِ

بقلم: رشا لطفي

تَبدين لبلابةً تلتفّ في وَهَنِ

بحثًا عن السندِ المأمولِ والسكنِ

جوفٌ من الخوَرِ المزعومِ يُلجِنها

للغثِّ.. للرثِّ.. للمكسورِ من فننِ

عمرٌ من الأُمنياتِ البورِ يدفعُها

للرِّيِّ إما بدا في محضنٍ أَسِنِ

كَم غيمةٍ أبرقتْ من دونما مطرٍ

كم هالةٍ، أبهرتْ عينيكِ، من دخنِ

كَم دمعةٍ لم تزل بالجفنِ عالقةً

وموضعٍ فيكِ لم يسلم من الثخَنِ

فِيكِ ارتباك خُطًى.. فيكِ ارتياب هوًى

فيكِ التياع صغيرٍ ضاع في المدنِ

حبلَ المساكينِ* في الظلِّ اكتفيتِ أسًى

والحزن لا يكتفي من دمعِكِ السخِنِ

تُعرِّشينَ على الشرْفاتِ أحجيةً

وحلُّها بعد حتى الآنَ لم يحِنِ

في روحِكِ المنطوي سرٌّ جهلتِ مدى

ما فيهِ مِن قوةٍ تمتدّ للبدنِ

آهٍ إذا أدركتْ رؤياكِ قدرتَه

في غيهبِ المنتهى ألقيتِ بالحزَنِ

ولَاسْتهنتِ بما تَلقينَ من عَنَتٍ

وَلارتقيتِ كما تبغين للمُزَنِ

للشمسِ، للنورِ أنتِ.. وللضيا خلِقَتْ

عيناكِ.. يا بهجةً تزدان بالشجنِ

ألم تَرَيْ أنَّ عزمًا فيكِ متقدًا

رغم الحوادثِ.. رغم الجورِ والمحنِ

تُساقِطين على الدنيا جن عمرٍ

إما هُزِزْتِ بكفِّ الصبرِ والفتنِ

وتهطلين غيوثًا من شذًى وندًى

وتعبقين كما الفردوسِ بالمننِ

كفاكِ نهرانِ حارَ الشوق بينهما

نهرٌ من الشهدِ.. أم نهرٌ من اللبنِ

تفتحتْ فيكِ أزهار الحياةِ فما

تمَّ الجمال سوى في وجهِكِ الحسنِ

وانسبتِ في رقةِ الأنسامِ أغنيةً

في مهدِ طفلٍ فدا عينيكِ مرتَهَنِ

وفي الملماتِ كم عانيتِ صامتةً

وكنتِ للكلِّ حضنًا في مدى وطنِ

وقفتِ مثل الجبالِ الشمِّ راسخةً

تفتقتْ عن تَساميها عُرى الزمنِ

فإن تجشمتِ شيئًا من عَنا.. فَهنا

ما من قلَيْبٍ -بهَمٍّ- غيرِ ممْتَحَنِ

وإن تجرعتِ مرَّ العادياتِ فلــــولا

المرّ ما ذيقَ طعمٌ للحياةِ هَنِي

ثوري على قيدِكِ الوهميِّ وانتفضي

لا تستكيني ليأسِ الروحِ.. لا تَهِني

لِمرَّةٍ واستفيقي بعدها أبدا

كأنما الضعف قبلَ اليومِ لم يَكنِ

*”حبل المساكين”: اسم من أسماء شجرة اللبلاب

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى