أدبي

شواغل الحاضر

وقت النشر : 2022/05/14 03:12:11 AM

شواغل الحاضر

بقلم: شيماء عبد المقصود

 

نرنو للحاضر بعين المتلهف، ومن وقت لآخر، نطل عليه طلة الراغب في الوصول لمحطة النهاية بسرعة البرق.

اعتقدنا يومًا أننا لم نختر الماضي بمحض إرادتنا، إذًا،

لابد من أن نضع الحاضر نصب أعيننا فغلبتنا مغريات حجبت عنَّا نور النفس

حتى كدنا نتخبط به يمينًا ويسارًا بين رغبات عقيمة لا تؤدي إلى غاية هادفة،

وبين مستقبلٍ مجهول عوالمه لا تسمن ولا تغني من جوع،

فبئس ذاك الاعتقاد، وبئست تلك المغريات الشيطانية.

وبالرغم من كل تلك التطلعات الدنيوية إلا أنني أُصر أنّه لا مناص منها،

وإلا ما كان الإنسان جُبل على تعمير الأرض منذ الخليقة.

فلك أن تتخيل لو توقف الإنسان عن تلك التطلعات، كيف تتحقق أمنياته،

ونجاحاته، وأهدافه، وتصوراته وأيضًا رغباته؟!

سينتهي به الحال كتلك الورقة التي نقطعها من لوحة التقويم يومًا بعد يومٍ،

وبغشاوةٍ مني كنت أتصور أنه عند انتزاعها لا بد أن أطويها في هاوية الماضي وستحل محلها أخرى،

فسخرت من نفسي يومًا بتلك الفعلة، بل وخالفت قانونها، فبدلا من أن أهوي بها أرضًا،

رفعتها عاليا لأقصى منزلة، وجعلتها جزءًا من ممتلكاتي الخاصة،

ومن يومها وأنا أعيش تلك اللحظة في كل مرة،

وتخيلت أن تلك الورقة التي تليها وجها ضاحكا نستطيع ملامسته بأيدينا، بل ونبادله نفس الشعور.

فالمعقول في هذه الحالة أن لا نكون مشغولين بحب الدنيا وفقط؛

فلربَّما تكون الورقة التالية هي آخر ورقة لك أن تطويها

وبعدها تبدأ رحلة أخرى لم تكن في الحسبان،

حينها ستشتهي يومًا ترجع فيه دنياك لتتفقد كل تلك الأيام التي طويت أوراقها دون جدوى،

وتتمنى أن تعيد إحياءها، لكن لا محال، فقد طُويت ورقتك أنت أيضًا دون رجعة يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون.

يقول العقاد: شواغل الحاضر الضئيلة قادرة على أن تحجب عن بصيرة الإنسان

جلال الأزل والأبد بما تهيج من عواطفه وتبلبل من خواطره،

كما تحجب الكف القريبة من العين اتساع الفضاء الذي لا نهاية له.

شواغل الحاضر
شواغل الحاضر

تمت المراجعة والتنسيق من قبل فريق مجموعة ريمونارف الأدبية

زر الذهاب إلى الأعلى