مقالات متنوعة

لماذا ينفك الحبل

وقت النشر : 2022/08/28 02:39:20 PM

لماذا ينفك الحبل

بقلم: باسم موسى

لماذا؟ هي كلمة مفتاحية استفهامية استفسارية أو استفهامية تعجبية ، وأنا هنا بصدد مناقشتك قارئي العزيز من جهتها الاستفهامية، وحتى لا تنفر مني أو تسرع بالعزوف عن مواصلة القراءة؛ فأنا أطمئنك، هذا ليس بحثا لغويا، فإني أعلم أن لغتنا الفصحى قد أصبحت للأسف ثقيلة على كثير من القلوب قبل العقول والألسنة.

إنني هنا بصدد مشاركتك في مناقشة اجتماعية حول حبل من حبال الله المتينة التي تشتد بها قوة مجتمعنا؛ إنه حبل الزواج؛ السبب الرئيس في وجود أسرة ومن ثم في وجود مجتمع، فلماذا ظهرت في هذه الأيام ظاهرة انفكاك هذا الحبل؟!

وكلمة لماذا؛ هي هنا للبحث عن إجابة تقدم لنا السبب ؛ وإذا عرف السبب فقد دنونا كثيرا من حل مشكلة انفكاك ذلك الحبل المتين، بالطلاق أو على أقل تقدير بالانفصال العاطفي أو الجسدي.

لقد تملكني حزن مؤلم عندما علمت أن إحصائية حالات الطلاق خلال عام 2021 تبين حدوث 245 ألف حالة خلال العام، منها 28٪ خلال الأعوام الثلاثة الأولى من الزواج.

عدت بذاكرتي أتجول في محيط المعارف فوجدت أنني قد شهدت بالفعل خلال السنوات السابقة عددا – صادما – من حالات الطلاق الفعلي ، وعددا آخر من حالات أسميها “الطلاق الخفي” ؛ طلاق بدون طلاق.

بحثت كثيرا عن الأسباب فوجدتها بلا حصر، ولكن برز منها بعضها، فعلى سبيل المثال :

أ- أسباب قبل الزواج، ومنها:
1- سوء الاختيار والانسياق وراء المظهر أو المستوى الاجتماعي أو المنصب، أو قلة الخبرة مع غياب الناصح الأمين إلخ.
2- الاختيار العاطفي مع تنحية العقل .
3- التفكك المجتمعي والانعزالية المجتمعية التي أدت إلى جهل الناس بأحوال بعضهم البعض؛ وبالتالي عدم القدرة على الحكم الصحيح عند الاستقصاء عن مدى صلاحية النسب المزمع.
4- الغش والخوف الاجتماعي ، حيث يحصل المتقصي عن النسب المنتظر على معلومات خادعة ممن يسألهم رأيهم، وهذه المعلومات هي نتيجة للتحيز أو الخوف أو الاستحياء.
5- التعلق بأول فرصة زواج، خشية فوات القطار للأبد.

ب- أسباب بعد الزواج ، ومنها:
1- ضعف الثقافة الزوجية، من معرفة الهدف من الزواج، و مقومات حياة الزواج، وأساليب الحفاظ على الزواج، وطرق حل المشكلات الزوجية، وإدارة الأسرة، وما إلى ذلك.
2- بعض المنابر الإعلامية الفاسدة التي تنخر بلا كلل أو ملل في جدران العلاقة بين الرجل والمرأة عامة؛ وفي المودة بين الزوج وزوجته خاصة.
3- إصغاء المرأة والرجل لهذه المنابر المفسدة بأذن وعقول منساقة دون وزن أو تقييم.
4- انشغال الأب والأم في جمع لقيمات العيش ليلا ونهارا؛ جعل من شبه المستحيل تعليم الأولاد وتقويمهم؛ مما أدى إلى الجهل بدور المرأة والرجل في الأسرة والمجتمع وإلى عدم رؤية نماذج تعامل مثالية بين الأم والأب لكي يقتدوا بها.
5- دعوات الندية النوعية، والتي تجري على قدم وساق لجعل المرأة والرجل كائنا واحدا مزدوج الطبيعة الجسدية والعاطفية؛ هدمت المعرفة الفطرية لدور كل من الزوجة والزوج في الأسرة، فتخلى البعض عن دوره عامدا أو جاهلا.

جـ – التحيز الأعمى من العائلات؛ كل لابنه أو بنته عند حدوث مشكلة زوجية لزم تصعيدها للمستوى العائلي. أحيانا يكون تحيزا عاطفيا بحتا وأحيانا تعصبيا جائرا.

د- تدخل الطالحون عقلا أو سلوكا من الأصدقاء والزملاء وغيرهم؛ فيشيرون بأفضلية ما فيه خراب الأسرة.
هـ – ضعف التحمل، والتنصل من المسئوليات الأسرية وعدم الرغبة في التضحية من أجل الحفاظ على السفينة سليمة حتى تصل لبر الأمان. وينطبق هذا على كل من الزوجين على حد سواء.

كانت هذه بعض الأسباب وليست كلها بالطبع. وهي ملخص لجواب (لماذا) الذي بدأ به عنوان المقال.
ولكي نناقش كيف نحافظ على هذا الحبل أو نقويه ؛ فإننا نحتاج إلى مقال آخر حتى لا نطيل فيتسرب الملل. فعلى وعد باللقاء إن شاء الله لنلتقي على منضدة النقاش لنكمل ما يمكن فعله “حتى لا ينفك الحبل”.
دمتم في حفظ الله.

زر الذهاب إلى الأعلى