مقالات متنوعة

استمتع بها علي عوج

الزهرة الجميلة

وقت النشر : 2022/09/05 03:55:29 PM

استمتع بها على عوج

بقلم: ناجح شرقاوي

شاع بين الناس أن النبي صل الله عليه وسلم قال: ” أن المرأة خُلقت من ضلع أعوج.” وهذا ولا شك فيه خطأُ كبير، لأن نص الحديث كما يلي، واللفظ لمسلم:

” إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ، فَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ، وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمهَا كَسَرْتَهَا، وَكَسْرهَا طَلَاقهَا.”

وقد روِيَ أَنَّ آدَمَ عليه السلام نَامَ فَانْتُزِعَ ضِلَعٌ مِنْ أَضْلاَعِهِ الْيسْرَى، وخلقت مِنْه حَوَّاء، فَلَمَّا أَفَاقَ وَجَدَهَا إلَى جَانِبِهِ، فَلَمْ يَنْفرْ وَاسْتَأْنَسَ؛ لأَنَّهَا جزْءٌ مِنْه، فلذلك صَارَتِ الأضلاع الْيسْرَى تَنْقُص عن الْيمْنَى واحدًا.

سبحان الله! استخرج حَوَّاء من ضلع من الأضلاع الْيسْرَى ‏التي بها القلب، فهي الحبيبة التي تملأ القلب، ‏ومن أفضل ما سمعت من أحد أهل العلم:

” استمتع بها علي عوج”

وكيف ذاك؟! لأن هذا العوج ربما هو أجمل ما فيها، و هو لا يوجد في الرجل؛ فهي نجدها سريعة الرضا والتسامح. هب أنك نهرتها على شيء وخرجت غاضبًا، فعدت وقد عزمت أمرها على مغادرة البيت وأنها ما عادت تحتمل هذه العصبيية، فتسترضيها بلطف فتتحول مائة وثمانين درجة وتملأ البيت مرحًا وبهجة. قد تغضب هي لأمر ما ربما صنعته من الخيال. فتهديها وردة أو كلمة أو قُبلة على الجبين. فتنسى كل ما كان.

وربما تفعل أنت شيئًا ما كمدح في طعام امرأة غيرها، أو طريقة كلامها، أو أناقتها، فتغار وتغضب، ثم تستدرك فتقول: كنت أود أن أعلم مدى حبك ليَّ، فتسعد ويتبدد غضبها ويحل محله سرورا بكلمة بسيطة، غير الرجل تمامًا الذي ليس لديه ذلك الاعوجاج والتحول السريع من الغضب إلى الرضا التام، إن عوجها قد يكون تلك الغيرة على قلب هو ملك لها وحدها كما تحلم أن يكون. لذا قال رسول الله صل الله عليه وسلم: “اسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا”

الزهرة الجميلة

‏فماذا لو أننا أحببنا أفضل ما في تلك الزهرة الجميلة وهو تمايلها، واعوجاجها، وتقلباتها، كما يحب معظم الرجال اعوجاج جسدها.

والله لاعوجاج عقلها إنما هو ناتج عن موضع حسنها، وهو تلك المضغة الرقيقة التي خُلقت منها. ألا وهي القلب الذي يضخ الحب مع الدم في كل عروق الجسم. ذلك الحب الذي به نحيا. لنقل نحن الرجال للعالم أننا فهمنا ما هو الاعوجاج في تلك الجميلة. إنه خفقان قلبها بنبض الحياة، فمن منا يستطيع أن يصل إلى هذا التحول الرهيب في جزء من الثانية؟! من غضب قد يفقدنا كل شيء في لحظة، إلى رضا كامل وتسليم وحب إلى ما كنا نبغضها.

عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنِّي لَأَعْرِف غَضَبَكِ ورِضَاكِ قالَتْ: قلت: وكيفَ تَعْرِفُ ذَاكَ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: إنَّكِ إذَا كُنْتِ رَاضِيَةً قُلْتِ: بَلَى ورَبِّ مُحَمَّدٍ، وإذَا كُنْتِ سَاخِطَةً قُلْتِ: لا ورَبِّ إبْرَاهِيمَ قالَتْ: قُلت: أجَلْ، لَسْتُ أُهَاجِر إلَّا اسْمَكَ.”

والحديث في البخاري.

إن المرأة حينما تغضب وتعلن عدم حبها لك فهي تكذب، لأنها لا تهجر حبك وإنما تهجر اسمك وهل يخبرك مثل خبير؛ أنها عائشة أفضل النساء وأجملهن حبا لأفضل الرجال. والذي عرف متى تكون غاضبة ومتى تكون راضية. إن المرأة لم تخلق من ضلع أعوج. ولكنها خلقت من ضلع بجوار قلبك أعلاه أعوج، فاستمتع بها على عوج.

زر الذهاب إلى الأعلى