مقالات متنوعة

الزراعة بماء البحر

الفجوة الغذائية

وقت النشر : 2022/10/06 02:26:18 AM

الزراعة بماء البحر

بقلم: طلعت عبدالرحيم

لمَ للزراعة أهمية قصوى في تحقيق الأمن الغذائي للإنسان والحيوان؟.

مع ازدياد عدد سكان الأرض، ونقص الوفرة في المحاصيل التقليدية التي تروى بالماء العذب، وندرة المياه العذبة نتيجة الاحتباس الحراري والتغير المناخي، مما جعل هناك فقر في الماء العذب وجفاف بعض الأنهار في العالم، ونشأة الحروب في الدول التي توجد بها وفرة في الزراعة والمياه، فبات الجوع يطرق معظم سكان البلدان وبالأخص الدول الفقيرة والصحراوية.

اتجهت بوصلة العلم للزراعة بواسطة المياه المالحة مباشرة، حيث ثلثي كوكب الارض مياه مالحة – محيطات وبحار، فاتجه العلماء لاستنباط نباتات تتحمل الملوحة، ولكن لم يستطيعوا إنتاج نباتات تتحمل ملوحة مياه البحر، فاتجهوا لتحلية مياه البحر بكل الوسائل بما فيها الطاقة النووية، ولكن كانت جدواها الاقتصادية غير مجدية لزيادة تكاليف التحلية.

واخيرا توجه العلم للنباتات التي تنمو في المياه والأراضي الملحية بطبيعتها التي حباها الله لها، حيث تنمو وتنتج وهي تروى بالمياه المالحة لنموها على شطآن البحار، حيث تمتلك جينات وخصائص تجعلها تتحمل الملوحة.

الفجوة الغذائية

بدأ حصر تلك النباتات ودراستها اقتصاديا وغذائيا ومحتواها من العناصر الغذائية، وكيفية تطويعها والاستفادة منها اقتصاديا كغذاء للإنسان والحيوان لسد الفجوة الغذائية، حيث تم استخلاص مجموعة من تلك النباتات منها يكون مصدر للزيت عوضا عن فول الصويا، ومنها ما يجهّز كعلف للحيوانات عوضا عن محاصيل العلف التقليدية.

ومن هذه النباتات نبات يسمى” عشب النخيل” حيث وجدوا أن هناك شعوبًا بأمريكا كانوا يقتاتون بها قديما، ونبات الساليكورنيا، ونبات الأتريبكس، وصنف الهالوفيت الذي تم استخدامه كعليقة للماشية والأغنام حيث يحتوي على معدل بروتين عالٍ وغني بالعناصر المعدنية المغذية، ويعتبر بديل للعليقة الخضراء المعروفة.

كما أن نباتات الساليكورنيا تعد بذورها من النباتات الزيتية، حيث تم استخراج زيت ذي جودة عالية للاستخدام البشري.
لقد وجد نحو 12 نبات تم حصرهم من أهم النباتات الملحية اقتصاديا وعلي رأسهم الساليكورنيا، حيث ينمو تحت مياه البحر التي تصل ملوحتها ل 40:35 مليمور، كما أن سيقانه وأوراقه وجد أنها تحوي كميات كبيرة من الرماد، كما أنها سهلة الهضم للحيوانات والأغنام ولا تصلح للدجاج لوجود مادة الصابونين.
أما لباقي الحيوانات وجد أنها تفوق نباتات العلف التقليدية، وبتقطيعها ووضعها في الماء الجاري بالبحر تنقص من مستوي الملوحة بأليافها، مما يجعلها أكثر استساغة للحيوانات
ويمكن توفير نصيب نباتات العليقة ومياهها لمحاصيل استراتيجية أخرى.

وتم وضع استراتيجية واسعة لأهمية هذه النباتات ووضع دراسة لطريقة زراعتها وكيفية ريُّها والأجواء التي تناسبها حيث وجد أنها تجود بالأماكن المعتدلة، حيث يمكن زراعتها بالأراضي الرملية جيدة الصرف على شواطئ البحار والمحيطات قريبة من مياهها، حتى يسهل ريها لحاجتها لكمية أكبر من مياه الري بالمقارنة بالنباتات التقليدية.

كما أنه يمكن استخدام أنظمة الري الحديثة كالرشاشات؛ أي الري المحوري بالرشاشات في الأماكن غير المستوية، أما الأماكن المستوية يمكن عمل أحواض متساوية وريها غمرا، بحيث يكون غمر النبات بحوالي 5 سم من المياه مع تقارب الريّات.

تعتبر تلك النباتات من أفضل الحلول للتغلب على الشح المائي، وتساهم بشكل كبير في سد الفجوة الغذائية الناتجة عن التغيرات المناخية، والزيادة السكانية، واندلاع الحروب بين الدول، والحصار الاقتصادي المفروض على البشرية وبالأخص التجاري والغذائي.

الاهتمام بتلك النباتات الملحية يحد من القص الجائر للغابات التي تعد رئة الحياة لاستغلال أراضيها للزراعة.

تعتبر تقنية زراعة “الهالوفيت” من أهم التقنيات حاليا وفي الأيام القادمة للحفاظ علي الأمن الغذائي، والحد من التغير المناخي، والعمل علي التنمية المستدامة، والحد من انتشار الجوع حيث أن المساحات الكبيرة من الصحراء والكميات الهائلة من مياه البحر والمحيطات تؤمِّن بكل الوسائل زراعة النباتات الملحية، ومع التقنية الحديثة والدراسات يمكن أن تكون تلك النباتات على رأس النباتات الاقتصادية للعديد من الدول.

الزراعة بماء البحر بقلم: طلعت عبدالرحيم
الزراعة بماء البحر
بقلم: طلعت عبدالرحيم

زر الذهاب إلى الأعلى