أخبار مصر

صوفيا

الجزء الثاني

وقت النشر : 2022/11/05 04:30:00 PM

صوفيا

الجزء الثاني

بقلم: مونيا بنيو

كان لا يروقه شيء إلا ما لمسته روحي. يريد أن أكبر في كل يوم وأصير امرأة ناضجة، صنديدة تختلف عن كل الإناث. لا تكتفي بجمالها. ويحارب والدي في سبيل إقناعي. لم يكن أبا مثقفا واعيا. لَم يستطع أن يوصل لي ما يجب إيصاله، ليس عجزا بل جهلا!.

فلم يكن هناك حوارات صريحة مع طفلة مدللة. حتى عندما كان يريد أن يطرح علي فكرة تقدم لي فلان ومناسب وعلي بالتفكير، كان يطرح الفكرة لخالتي كونها متعلمة وواعية.

كنت أقرأ الأمان في خالتي رغم عدم صدقها معي. ليس لشيء إلا لأني نقية السريرة واثقة بها. لكنها لم تكن ناصحة ولا مرشدة. بل كانت تريد مني أن أخطئ في كثير من الأحيان!.

لكن لأجل العشرة والحب اللذان بقلبي كنت أغض الطرف عن كل شيء.

حاولت في الآونه الأخيرة تعليمي بعض أعمال البيت بكل إتقان. لم يكن جمالي إلا لعنتي. وكنت حقًا كلما أتقن شيئا سرعان ما أكون ماهرة به.

وأغوص بعالمي الجميل المرصع بالبراءة التي تملأ المكان عند عودتي لحضن أسرتي كالملاك رغم إني أبهرهم بما تعلمت. كنت أود أن أكون نشيطة ومدبرة منزل لا مثيل لها. اجتهدت وقررت ألا أظلم نفسي كثيرا باستهتاري عن كل ما يجب أن تتعلمه الأنثى، والذي كان يعتمد كثيرا على خالتي ليجعلني أكثر رزانة. فاعتماد والدي على خالتي كان واضحا. لم يكن يريد لي إلا أن أكون امرأة حديدية مثلها. وسفري بينها وبين عائلتي كان يتعبه لكن كل هذا لأجل تعليمي. كان يحسب ألف حساب ليوم مغادرتي لهذا المنزل قائلا لي: “لا تنسي أن لك مستقبلا مع رجل ما”.

لم أكن أعرف كيف ستكون حياتي دون أهلي؟!.

والأصعب أنه يعرف ويدرك تمامًا أن لا مكان يمكن أن أرضى العيش فيه إلا معه. والمؤلم أنه لا أحد سيحتويني مثله وهذا ما أعتقده دائما.

كنت أتمسك بالرفض وكأنه طوق النجاة الوحيد لي من حياة تحلم بها كل الفتيات. أحلم أن يتغير ناموس الكون لأظل دون هذا الزواج الذي هو قيد. أو أن يتغير أسلوبي وطريقة تفكيري وكنت أحاول لأجل من حولي ووالدي أتعلم ما معنى أن لا تريد شيء من الوجود إلا أن تظل مع عائلتك!.

لست كأي أنثى تحلم بفارس حياتها وأبسط حقوقها، عجبا!.

لكني لا رغبة لي إلا بمن يشبه والدي. وإني على يقين أنه لا وجود له، لا مثيل لمن يفهم رقة قلبي، وطريقة نشأتي. لكنني بقيت على عنادي وأقول في نفسي:

“لعل الله يغير حالي وينور بصيرتي ويهديني”. ربما يتغير تفكيري وأحدهم يسكن يومًا قلبي. وتتغير نظرتي لهذه الحياة ولا تشبعني معاملة والدي الذي يدللني بها ولن تغنيني عن كل العالم لأنها سنة الحياة.

وكان الخوف علي أن لا أنضج وأظل مجنونه بلا هدف. متجردة من مشاعر الأنثى التي تستلطف شابا، فقد حيرت العقول!.

لكن الأيام تسير نحو منحنى آخر، ويشاء القدر وأنا في حالة مرضية، أن أستشعر بطيف ذكوري يقترب مني وأنا أتألم!

يتبع..

زر الذهاب إلى الأعلى