أدبي

تقليص الرؤوس

وقت النشر : 2022/11/05 05:40:05 PM

تقليص الرؤوس

بقلم: عزت أباظة

على الضفة الغربية لنهر الأمازون العملاق. وتحديدًا في الإكوادور، تعيش قبائل الشاوار.

كان الأسلاف الأوائل لتلك القبائل قومًا شديدي البأس والتوحش. مفترسين كحيوانات. وكان دينهم السحر والشعوذة يؤثر على كل نواحي الحياة.

وقد انتشرت في القبيلة عادة (تقليص الرؤوس). فإذا غضبوا على شخص، أو كانوا على خصومة معه، أو أرادوا عقابه على جريمة، أو حتى لمجرد الثأر، كانوا يقطعون رأس الضحية. وبعد عملية احترافية مجهِدة يُقلصون الرأس إلى ربع حجمه بطريقة بشعة التفاصيل. حيث يتم شق الجلد من الخلف. وسلخه بحذر. وإخراج الجمجمة، واللسان، والعيون. وتخييط فتحات العيون والفم. ثم يتم بعدها غلي الجلد عدة مرات مع إبعاد شعر الرأس عن الماء المغلي. يتم تجفيف الجلد بالتراب. ثم تكرر العملية ست مرات على مدى ستة أيام. فينكمش الجلد جدًا، ثم يتم حشو الرأس بترابٍ ناعمٍ، وإعادة خياطته من الخلف وبذلك يصبح بحجم برتقالة.

وعلى مدى أجيال كثيرة أتقن أهل (الشاوار) تلك العملية المقرفة. وكذلك منذ العصور الوسطى، كان الأثرياء في أوروبا يسعون لشرائها، ويتباهون بملكيتها. وظل الأمر رائجا حتى الآن.

ولدى كثير من الأمريكان المهووسين بالتحف نماذج لرؤوس مُقلّصة واردة من الإكوادور. ويصل سعر الرأس المقلَّص في أمريكا ٣٠ ألف دولار. وينظر إلي الرأس كأثر قبائلي لا كجزء من جثة إنسان. ولذلك لما راج سوق الرؤوس المقلَّصة بالغت تلك القبيلة وأسرفت في القتل والقطع والتقليص، بل كانوا يُقلِّصون رؤوس أشخاص أبرياء لا ذنب لهم.

تراجعت تلك العادة الوحشية كثيرًا، لكنها ما زالت موجودة.

زر الذهاب إلى الأعلى