كانت لوتشيا طفلةً ذكية، وكان الجميع يتوقع لها مستقبلًا باهرًا قبل وفاة والدها، لكن التحول كان كبيرًا؛ فبعد وفاته لم تجد أمها عملًا، وكان المعاش أقل بكثير من احتياجات الأسرة التي كانت تعودت على حياةٍ أكثر رفاهية، مما دفعها إلى الكأس تهرب به من مسئولياتها، وحولت حياتها وحياة ابنتها إلى جحيم.
عرفت دونا ماريا أن هذه الطفلة وراءها خطب جلل، ولكنها أرادت أن تتناول القضية بحكمة، وقررت أن تؤجل عودتها إلى روما لبضعةِ أيام حتى تعرف قصتها، ولماذا هربت في منتصف الليل من بيتها، وما هو سر صمتها، وماهذه الغيوم التي تبدو على وجهها الجميل.
عبثًا حاولت أن تعرف منها اسمها أو أين تسكن، لكنها عرفت بعض أحداث قصتها لما رأته بعين المرأة الذكية، عرفت من ملابسها، من تقطع كلامها، من خوفها، ارتعاشها ليلًا، وبدأت تعطيها من الأمان والحب ما يجعلها تتقرب إليها، ولم يمض إلا يوم بليلته حتى بدأت الطفلة في سرد بعض الأحداث التي جرت لها في بيتها.
بدأت دونا ماريا القيام ببعض التحريات من الأصدقاء القدامى حتى عرفت أن السيدة لويزا هي أم الفتاة، وقررت أن تلتقي بها لتتعرف على الحقائق عن كثبٍ دون أن تُعْلم أحدًا بوجود البنت في بيتها. وقبل أن تذهب للقاء أم لوتشيا قررت أن تأخذ الطفلة إلى بيتها في روما، ولا تخبر أي شخص بقصتها، لكن قبل أن تبدأ السفر سألت لوتشيا أن تستعد حتى تعيدها إلى بيتها، ولما رأت رد الفعل الهستيري الذي أصابها عرفت أنها لا تريد العودة، وتأكدت أكثر عندما رأت الفرحة في وجهها حين أبلغتها أنها تريد أن تأخذها معها لتزور روما.
انطلقت دونا ماريا والطفلة إلى روما حيث عرضتها على طبيب صديق قديم لها، الذي أكد لها أنها قد تم اغتصابها بانتظام، وأن الصدمة النفسية التي تمر بها أكثر بكثير من الأعراض العضوية التي ستمر حتمًا مع الوقت، ثم اقترح على دونا ماريا أن تعرضها على متخصصة نفسية للأطفال..
