فتحت رودينا الصندوق في لهفة، فأخذها بعيدا بنوره الساطع. تُرى، إلى أين؟
إلى الغابة، غابة واسعة جدا تملؤها الأشجار العالية، فها هي القرود تتقافز من شجرة لأخرى، وها هي الزرافة بعنقها الطويل تأكل أوراق الشجر، والفيل يلاعب صغيره في البحيرة، وكانت هناك أيضا السيدة بومة حارس الغابة المخلص؛ فهي تتمتع ببصر حاد وقدرة على سماع أدق الأصوات، كما أن ريشها الناعم يمكنها من الطيران دون صوت، كانت تقبض على اللصوص وتقتل الجرذان السارقة، كما كانت قادرة على السهر طوال الليل، فعاشت بفضلها الغابة في أمان، لكن ذلك لم يعجب الثعلب الماكر؛ فهو لا يستطيع أن يسرق صغار الطيور ليأكلها، ليس في وجود البومة.
بات الثعلب ليلته يفكر في طريقة للتخلص من البومة حتى واتته فكرة شريرة.
استيقظ مبكرا وذهب للقاء الأسد ملك الغابة، ورسم على وجهه علامات الحزن والقلق حتى أثار فضول الأسد فسأله: ماذا بك أيها الثعلب؟
فقال في مكر: لقد رأيت مناما سيئا يا مولاي وعندما بحثت عن تفسيره ……صمت ولم يكمل حديثه، فقال الأسد:ماذا وجدت؟
قال: نهاية ملكك.
انزعج الأسد وقال: ماذا؟ وضح، ماذا رأيت في منامك.
قال: رأيت جدك الأسد يقول لي: كلما زاد عدد البوم قلت أيام حكم حفيدي.
انزعج الأسد جدا خاصة أن السيدة بومة رزقت اليوم بصغير جديد وقال في نفسه: نقص عدد أيام ملكي؟
وتابع الثعلب: إن البومة نذير شؤم، أنا أكره صوتها ونظرات عينيها.
أخذ الأسد يفكر، وقرر جمع الحيوانات وقال: قررت طرد السيدة بومة وكل البوم من الغابة.
ارتفعت أصوات الحيوانات مستنكرة، فتابع بصوت قوي وقال: هذا قراري.
فقالت البومة: أنا حارستكم المخلصة، ما جنايتي التي جعلتك تغضب مني؟
استسلمت البومة وجمعت أغراضها ورحلت هي وقومها وسط دموع الحيوانات والطيور واستنكارهم ما عدا الثعلب المكار، فكان يقف في الخلف وهو يحاول إخفاء ابتسامة النصر.
انتشرت السرقات، وازداد خوف الحيوانات والطيور التي سرقت صغارها التي كان يأكلها الثعلب ليلا دون أن يراه أحد، كما علمت قبيلة الجرذان برحيل البوم فجمعت جيشا كبيرا وهاجمت الغابة.