أدبي

أنا رب هذا القلب

وقت النشر : 2022/10/25 05:33:53 PM

أنا رب هذا القلب

بقلم: شحاتة علي أبودرب

اعْلمي يا ذات الخيال العنيد
أنني قلمٌ مِن نوعٍ فريد
حروف الاستعطافِ لست أكتبها
ولفن التَّذَلّل لَا أجيد
ولَسْت آسَى على النساء
إنْ لم يجدن ارتداءَ الرجال
إن لم يكنّ رباتَ الخدور
إنْ لم يَفضن من الْجفون نور
إن لم يتوَّجن بالحبيب
فحضورهن كما الْمَغِيب
لست آسَى على النساء
مَا دمن يَكْفرن عهد الْغرام
ويَكْفرن صِدْقَ الكلام
ويكْفُرنَ تسربلي فِى عَشِق إحداهن
وأنت لستِ إحداهن
أنتِ أميرتهن، زهرتهن
واحتهن التي يستقين مِنْهَا الْأنوثة
وَيستقينَ مِنْهَا العِطْر والْجَمَال
ويستقِين مِنْهَا الدلال
أَنْتِ الَّتِي أدخلتِني فَضَاءَ الهيامِ
فارتويت مِنْ نور الصباح
آمنت باحتلال الأرواح
واخْتِزال النساء في امْرأة وَاحِدَة
أنتِ مِن ذوَّبتِ روحِي الْجامدة
أشعلتِ ثَوْرَة البراكين الخامدة
أَخرجتِ مارد الشعر
أضئتِ بلّورة الْعمْر
أَلْبَسْتَنِي الحب جِلبابًا
وبعدما راق المقام وطابَ
وزرعَت نفسي بِأرضك
وأدمنت نسيمك الرضابَ
سللتِ سيوف الهجر
اتخذتِ من الكلام حِرَاب
أسقيتني كؤوس الْعَذَاب
أهلتِ على الغرام التراب
مزّقتِني كتمزيق الثيَاب
شيبتِني قَبْل الشَّبَاب
فتبت عن التسبيحِ باسْمِك
قَتَلْت فُرشاتي بِذَنْب رسمِكِ
كفرت بكل قصص الْغَرَام
لمت قيسًا عَلَى الْجنون
وعنتر مَا ملّ مِن المَنون
ورميو مَا شبع مِنْ المجون
مَنْ جَعَلوا النِّسَاء دواءً وطِبًّا
لُمْت كلَ مَنْ أَدَمْنَ الحب
وضعت قانونا لِسَيْر الْقَلْب
قلْت فِي مَادَّتِهِ الْأُولَى:
الْمَرْأَة إنْ أمسكتني . . أَمْسَكْتهَا
أمّرتها .. ملّكتها .. دللتها
وإن أَرْسَلَتْنِي . . أَرْسَلْتهَا
كجملةٍ بِقَلَمِ رَصَاصٍ محوتها
زهْرَة أَبَتْ أَنْ ترتوي
فَجَفَّت فِي يَدِي، فَأَلْقَيْتهَا
مَنْ بَاعَ، لن أشتري له قرب
سألقيه بعيدًا عَنْ هَذَا الْقَلْب

سأُعاقب على ذَنْبِكِ كُل النِّسَاءِ
سيرونني قنّةً سامقةً شمّاء
لَن تَحْتَلّ روحى أَيّهنّ بَعْدَك
ولن أَعُودَ مَهْمَا بَلَغَ جهْدَك
أحببتكِ حبَّ الْملوك
ذبحَت كُلَّ الشّكوك
وَثقْت، وأَعْطَيْت كُلَّ الصّكوك
بأَنك أَغْلَى وأَحلَى النِّسَاء
بأنّكِ أيقونتي، ومعونتي، ومؤونتي
وأنك النَّدَى، والشَّذا، والْمَاء
قُلْت: دَعْهَا تنتشي وتغتبط كَمَا تَشَاء
دَعْهَا تُجَرِّب حبَّ الشُّعَرَاء
ترتدي ثياب المُلهِمات
تُحلّق كاليمامةِ فِي الْفَضَاء
تَعَانَقُ النَّهَارَ، وَتَشْرَب الضِّيَاء
تزغرد مَع أَلحَان قصائدي
تصَفِّق لتراقصي بِالْحروف
تَسْكن قَلْعةَ الْبَيَانِ
تَبَلَّل قَدَمَيْهَا عَلَى شطآني
تصَيِّرُ كُلَّ ندماني
تطلق الصَّهِيلَ مِن الهيام
دَعْها تَغوص .. دَعْهَا تعوم
دَعهَا كالطفلة .. تَقَع عَلَى ذِرَاعِكَ وتَقوم
تَقَفز فِى رَحابةِ صَدْرِك
تَتَعَلَّق بَيْنَ ضِلَعَيْن
تَجْلِس فَوْقَ الكَبِد
ومَهْمَا وجدت مِنْ الكَبَد
لَا تَدَعهَا تَنَام عَلَى الدموع
لا تَدَعْ لِلْحزْن إلَيْهَا سَبِيلًا
لَا تَدعْ الرَّحِيق يَسِيل
مِن جفون الْحبّ
عَبرت إلَيْك أَلْفَ أَلْف طَرِيق
شقَقت إلَى السَّمَاءِ مَضِيق
لِمَاذَا زرعتِ فِيه أَشْوَاك؟
لمَاذا آثرتِ بوجداني الْعِرَاك؟
لِمَاذَا تقمصتِ دور جِن
صنعتِ مِنْ التَّمَرّدِ فَن
راوغتِ واختفيتِ
جعلتِ اللب جنّ
ونسيتِ مَن لِأَجْلِكِ
بَاع الشَّرْقَ والْغَرْب
تَنَازَلَ عَنْ قِيادَة السّرب
أَحْرَق أَغْصَانه
ومَرّ فَوْقَ كلِّ كَرْبٍ
مَرَّ عَلَى خلجان الْمَاء
وحرّمَ عَلَى نَفْسِهِ الشرب؟!
لَم ترسمي وَجْهِي
فِى جداريةِ فَرسان الْحَرْب
لَا يَا زَهْرَة الْفؤَاد
روحِي تَعَصى عَلَى السَّلْب
أَنا مَنْ صَنَعت هَذَا الدَّرْب
أَنا رَبّ هَذا الْقَلْبِ
أَنَا ربُّ هَذَا الْقلْبِ

أنا رب هذا القلب بقلم: شحاتة علي أبودرب
أنا رب هذا القلب
بقلم: شحاتة علي أبودرب

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى