مقالات متنوعة

أولادنا مستقبل حياتنا

وقت النشر : 2022/03/25 01:40:26 PM

أولادنا مستقبل حياتنا

حلقة: أخلاق زمان
كتبت : إيمان عرابي

لماذا نحتاج للعودة إلى أخلاق الزمن الجميل الذي دائما ما نذكره في حديثنا قائلين “ليت الزمان يعود يومًا”؟ وقتما كان الحب والخير والاحترام وسمو الأخلاق هم السمات السائدة في مجتمعنا. من هنا نأتي إلى لب الموضوع، كيف نربي جيلًا ليكون مستقبل الحياة في حين لا توجد في هذه الحياة القيم والمبادئ التي ينبغي أن يترعرع في ظل وجودها هذا الجيل، جيل افتقد كل معاني الحب والاحترام وكل ما ينتمي للقيم والمبادئ التي تبني حياة تتقدم بها الأوطان، ففي ظل التقدم والتطور السريع الذي نعيشه ويتصارع الجميع لمجاراته يغفل بعض أولي الأمر عن تحصين أبنائهم وتوعيتهم لمجابهة هذا العصر بما فيه من مخاطر قد يقابلونها فتؤثر على أخلاقياتهم وتوجهاتهم. العودة إلى أخلاق زمان أو أخلاق الزمن الجميل ليست بالأمر المستحيل لكن الآباء يكتفون بالوصف لما حدث فقط ولا يحاولون مع أبنائهم مثلما كان يفعل آباؤهم قديما، فقط أصبحوا يتحسرون على أخلاق الزمن الجميل ولا يحاولون الرجوع بأبنائهم إلى هذه الأخلاق بل ويتركونهم أيضا فريسة لمخاطر الإنترنت الذي أصبح متاحًا للجميع والذي أتى به الغرب لنا بكل ما يحمله من مساوئ فأخذ أبناؤنا أسوأ ما فيه على عكس الغرب الذين استغلوه لصالحهم وعلموا أبناءهم الاستفادة منه وتطويعه لصالحهم.

في الزمن الجميل كان الأب يصطحب الأبناء لدور العبادة لغرس القيم الدينية بداخلهم، وتجتمع الأسرة على مائدة واحدة ليصبح هذا التجمع مقدسًا حيث لا يوجد من يمسك هاتفه النقال ويلتهي عن باقي الأسرة بل الجميع يتبادلون الأحاديث ويلتقون في السهرات العائلية ويتبادلون الزيارات مع الأقارب بحيث تتوطد أواصر العلاقات العائلية وتقوى صلة الرحم التي قاربت على الاندثار في زمننا هذا. قديما أيضا، لا نجد الألفاظ المستحدثة والتي يتم تداولها حاليا بين البنين والبنات في كل الأعمار وعلى جميع المستويات نتيجة عدم الرقابة لما يتابعه الأبناء على شاشات التلفزيون أو من خلال الإنترنت، قديما كانت الأم سواء ربة منزل أو عاملة وتشغل أعلى المناصب وسواء كانت من الطبقة المتوسطة أو من أرقى الطبقات نجدها تجيد فنون الطهي والخياطة والتريكو والكاناڤاه وغيرها، بل وأحيانا تجيد العزف على بعض الآلات الموسيقية، وكانت تحب القراءة وأحيانًا تعرف بعض قواعد الاتيكيت وتجد الوقت لممارسة كل هذا وبالطبع تعلمه لأبنائها.كان الأبناء قديما بعيدين كل البعد عن التأثير الخارجي الذي يتعرض له أبناؤنا الآن سواء من أصدقاء أو حتى من بعض المدرسين الذين أصبحت طريقتهم في التدريس بعيدة كل البعد عن الطرق والأصول التربوية القويمة، فأصبح بعضهم يسعى لإيصال المعلومة بالأغاني والرقص على وتيرة أغاني المهرجانات التي اُبتلينا بها في هذا الزمن بما تحمله من إيحاءات وكلمات وتعبيرات ركيكة.

علاوة عن ذلك، اختفت من حياة أبنائنا كلمات كانت ما أجملها مثل”من فضلك، لو سمحت، عن إذنك، شكراً” وغيرها، واختفى أيضا معها الكثير من القيم مثل احترام الكبير، والعطف على الصغير، ورحمة الضعيف، وصلة الرحم، واحترام الصداقة، واحترام العمل وروح الجماعة. أيضا ظهرت أخلاقيات جديدة على مجتمعنا مثل التباهي والتعالي وحب المظاهر.
نظرةً أيها الاباء والأمهات إلى أبنائكم فهم مستقبل حياتكم ومستقبل الوطن فإذا أردتم عودة الزمن الجميل بأخلاقه وقيمه ابدأوا من الآن بغرس قيم ومبادئ هذا الزمن الجميل في أبنائكم من جديد والذي بدوره سيؤدي إلى النهوض بهذا المجتمع وبالتالي سننعم جميعًا بالنتائج ونجني سويًا ثمار ازدهار وتقدم الوطن.
نهاية، على كل ولي أمر أن يكون قدوة حسنة وأن يُرَّسِخ ما يصلح للعصر ويواكبه من أعراف وتقاليد حسنة، فالأخلاق هي أساس البناء الصالح وبدونها أي تقدم أو ثراء يصبح بلا جدوى بل يكون ضرره أكثر، فالأخلاق هي العمود الفقري للحياة السوية، ويذكرنا هذا بقول الشاعر:
” إنما الأمم الأخلاق مابقيت…فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا”
“وإذا أصيب القوم في أخلاقهم…فأقم عليهم مأتماً وعويلاً ”
رحم الله أمير الشعراء أحمد شوقي ولا عزاء في أخلاق الزمن الجميل التي هي مستقبل الحياة ولبنة بناء الأوطان.

 

أولادنا وتربية أولادنا

زر الذهاب إلى الأعلى