مقالات متنوعة

عن الكلمة اتحدث

وقت النشر : 2022/06/20 09:21:54 PM

عن الكلمة أتحدث

كتبت: رهواجة محمد مراكشي

يقول جل جلاله: “أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَآءِ* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ” سورة إبراهيم آية 24.

‏الكلمة الطيبة ساواها الله -سبحانه وتعالى- بالصدقة لشدة عظمتها ووقعها على الإنسان، فما بالك بالكلمة السيئة التي تتفوه بها لتملأ فراغًا في نفسك؟!.. تظنها دقائق ستمضي مع ضحكات الجميع، لكنها تطعن القلوب وتظل ندوبها ترافق المرء طيلة حياته، لم تكُن “الكلمة الطّيبة صدَقة” من عبَث، فبعض الكلمات ترد رُوحك وتفكّ ضِيقتك.

الكلمة والصدق

سيدنا “حمزة” دخل الاسلام بكلمة،

عندما سب أبو جهل رسول الله -ﷺ-،

فضربه “‎أسد الله” وقال ” أتسب

محمد وأنا على دينه، أقول ما يقول؟!”.. فتأمل في ما قال، وطلب العون والهداية من الله والتثبيت في ما قال، فآواه الله وثبته، ودخل الإسلام بكلمة.

رب كلمة أحيت فكرًا

تحول الشافعي من الشعر إلى الفقه، وكان السبب في اتجاه الشافعي من الشعر والأدب إلى الفقه أنه كان يسير على دابة ذات مرة، فتمثل ببيتٍ من الشعر، فقال له كاتب كان لوالد مصعب بن عبد الله الزبيري:

– مثلك يذهب بمروءته في هذا! أين أنت من الفقه؟

– قال له: إن هذا يذهب بمروءتك، تعلم الفقه.

هزته هذه الكلمات، وبعدها قصد الشافعي – رحمه الله- مسلم بن خالد الزنجي مفتي مكة فلازمه، ثم قدم المدينة للإمام مالك رحمه الله، ودرس الموطأ عنده.

الكلمة ليست مجرد موجات صوتية ننطقها، ولا مجموعة أحرف نرسمها

على الورق لا.. إنها أعظم من ذلك،

فالكلمة عبارة عن طاقة عظيمة تتشكل على أساسها الأنفس، ولعلها هي أفضل دواء للنفس والروح لأنها تمس الروح والعقل والقلب، فيكون لها تأثير عظيم في الأذهان والأنفس، فالكلمات إما غيث أو رماح.

أنت لا تعرف مدى قوّة الكلمات، لا تدرك مدى قوتها، لا تعي كيف أنها تتحول في بعض الأوقات إلى سم يحوّل سعادة الإنسان إلى معاناة،

أو حتى يدٍ حديدية تحطم قدراته بكل وحشية، قبل أن تقولها، قبل أن تكتبها، فكر ولو للحظة؛ ما الذي سوف يجنيه الشخص الآخر منك؟!.. قبل أن تنطق بها وتتساقط على المسامع، وأنت لا تدري إن كانت ستمطر على قلب أحدهم أم ستدمي، فالكلمة تحيي القلب وأخرى تميته.

قد نجرح أشخاصًا من حولنا بكلمة قاسية جارحة من غير قصد أو بقصد،

فعليك أن تنتقي الكلمات عند خروجها ولا تتسرع، لأنها قد تكون أقوى من رصاصة تصل إلى القلب فتقتل، لأن الكلمة الجارحة تكون سهلة في القول ولكنها صعبة في الانتزاع من القلب، ويبقى الأثر حتى بعد الاعتذار، فهي حقا كرصاصة قاتلة.

 

والكلمة القاسية بعكس الكلمة الطيبة، فإنها صدقة لما لها من أثر عظيم وإيجابي في القلوب، فحاول لحظة الاختلاف أو الانفعال أن تصمت، وهذا ليس ببرود ولكن تحكم في الأخلاق الحسنة، ولا تكسر قلب أحد بكلمة جارحة، وأنت لا تقصد أو لا تفهم معناها، فبعض الكلمات تصنع المعجزات، لأنها ببساطة صادقة، صافية، دافقة بالإحساس.

هذه الكلمات تمدنا بطاقة الحياة، لأنها حية بنا، ونحن أحياء بها، قطرة الماء في بيت النمل تُعتبر بحرًا، والكلمات ليست بحجمها دائمًا، بل بتأثيرها؛ والتأثير يعطي للأشياء حجمها، لكن الحجم لا يُوحي بالتأثير دائمًا.

الكلمات عناق

العناق ليس بالضرورة أيادٍ وصدر يضمنا؛ هنالك كلمات من أحدهم تعانق أرواحنا من الداخل، الكلمة تعانق، تضم، تسكن الروح، تطمئن.. فلا تبخل بها، كلمة “حبيبي” رددها لكل من حولك لتبعث الحياة لهم.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى