مقالات متنوعة

نقد الذات

وقت النشر : 2022/07/21 12:30:09 AM

نقد الذات
تكتبه: رهواجة محمد مراكشي

قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ” سورة المائدة آية 105
وقال سبحانه:
‏”وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ” سورة القيامة آية 2.

خير النّقد نقد الذّات فهي أولى بأن يتعهّدها المرء بالإصلاح؛ فنقد الذات ظاهرة إيجابية وسلوك سوي وطوق نجاة باعتباره زيادة الوعي بالذات وتحقيق النمو الشخصي، وذلك من خلال تدارك الأخطاء والتعلم منها، واكتشاف نقاط ضعفها والتغلب عليها، كل هذا يساهم في جعل الإنسان يمتلك القدرة على محاسبة نفسه على الأخطاء دون أن ينتظر حساب الآخرين له.

ولو حرص الناس على النّظر في ذواتهم فأصلحوها وأحلّوا محلَّ مساوئها أمثالها من المحاسن، لكانوا بمنجاةٍ من شرورٍ كثيرةٍ، وليس أفسد للنّفس من ترك ما يعنيها لما لا يعنيها، فنقد الذات وسيلة فاعلة في الإصلاح، فإذا نظرنا إلى كتاب الله وسنة رسوله نجد الدعوة واضحة إلى تقويم الذات ونقدها وتقويم الآخر ونقده بهدف الإصلاح، فكل الأنبياء والرسل جاؤوا لنقد مجتمعاتهم وإظهار ما بها من عيوب بهدف الإصلاح للنفس أولًا وللآخرين ثانيًا سواء أكان هذا الإصلاح في الدين أم الدنيا.

الجميع يفكر في تغيير العالم, لكن لا أحد يفكر في تغيير نفسه

البعض يرى مواجهة النفس نقيصة بينما هي أعظم قيمة ؛ نحن في حاجة إلى ذلك النقد الذاتي لتفحص نقاط الضعف فينا والسيئة ومدى تأثيرها على حياتنا والآخرين في تعاملنا معهم ومداولتها في المجتمع وانتقاد تلك النقاط ذاتيًا وتصحيح مسارها نحو هدف سامي بدلًا من التردد في انتقاد الذات، ولا يقتصر مفهوم النقد الذاتي على الفرد بل يُمكن أن يمتد للمؤسسات والمنظمات التي تنظُر في أخطائها لتصحيحها، لأنّ تراكم الأخطاء قد يُؤدّي إلى انهيارها؛ ففي المؤسسة يتم النظر إلى السلبيات بشكل موضوعي بعيدًا عن نقد الأفراد لشخصهم، بينما في النقد الذاتي ينظُر الفرد لأخطائه التي يجب عليه تصحيحها لتحسين جوانب معيّنة في شخصيّته.

نقد الذات من أنبل المهمات وظيفة وأجرؤها

لا يملك شجاعة الاعتراف بأخطائه إلا الكبار ، وهذا ماعرفناه في أدبنا العربي بحيث يضع أديبنا الكبير “المازني” على رأس الدروس التي علمته إياها الحياة محاسبة النفس فيقول “وتعلمت أن أحاسب نفسي وأنصب لها الميزان، أنفة من الغرور المضحك، وزهادة في مغالطة النفس، وإيثارًا لمواجهة الحقيقة السافرة، وأفادني ذلك أن صرت لا يكربني أو يثقل عليّ، سوء رأي الناس فيّ، لأن رأيي في نفسي أسوأ، وميزاني الضلال، وهي علي أهون وأخف من محاسبة الغير، لذا فالنقد الذاتي ضرورة وليس ترفًا!

زر الذهاب إلى الأعلى