مقالات متنوعة

ما دماغنا بقه!

ما دماغنا بقه وحلوا عنا!

وقت النشر : 2022/09/18 10:43:08 PM

ما دماغنا بقه!

بقلم باسم موسى

ما دماغنا بقه وحلوا عنا!

هذا هو لسان حال وحتى مقال غالبية المصريين نساءً ورجالا هذه الأيام. تعليقا على دعاوى المحرضين على الفتنة بين الزوجات والأزواج، أولئك الناعقون بعدم وجوب رعاية الزوجة لزوجها وأولادها، هؤلاء المنادون بشعار “مش ملزمة” ثم يضيفون بعده واجبا يتغير كل يومين أو ثلاثة. حتى بدأ الكثيرون يتساءلون عن ماهية دور المرأة في الأسرة إذن في عرف هؤلاء الناعقين!.

دور المرأة ومكانتها في الحضارات القديمة..

إن دور المرأة ونظرة الرجل لها قد تنوعا عبر العصور في الحضارات القديمة، لكن مكانة المرأة المتميزة لم يمنحها لها سوى الإسلام. فها هو ديموستيني، أحد كبار الخطباء والسياسيين الإغريق يقول عن المرأة اليونانية “إن لنا محظيات يجلبن لنا السرور، وبنات هوى يقدمن لنا متعة الجسد، وأخيرا فإن لنا زوجات ينجبن لنا الأبناء، ويعتنين بشؤون بيوتنا”.

وفي الحضارة الرومانية، نظروا إلى المرأة نظرة قاصرة كمصدر للمتعة والوجاهة الاجتماعية. فى الوقت الذى بقيت فيه _قانونا وعرفا_ فى منزلة تقارب منزلة الرقيق.

أما في الصين القديمة، فقد كانت النساء في الطبقة الراقية يجب عليهن البقاء في الغرف الداخلية للعائلة، وكانت حريتهن في التحرك محدودة. وكانت المرأة في المنزل تملك عدة مسؤوليات؛ منها إدارة مصروفات المنزل وتعليم أطفالها، ولكن هذا لا يعني أنهن كن أساس الأسر.
كانت نساء الطبقة المنخفضة، كزوجات الفلاحين مثلا يجب عليهن العمل في الحقول. وكن في بعض الأحيان عرضة للإساءة من ملاك الأراضي. وبعض النساء كان يجب عليهن أن يعملن في الأعمال الجسدية كالرجال.

أما في الحضارة المصرية القديمة.. فقد كان الحال أفضل، حيث كانت المرأة هي قسيم الرجل في تكوين أساس الأسرة. فهي ربة البيت، ومربية الأبناء، والرفيق لزوجها؛ تساعده في تدبير شئون البيت والصيد. وكانت تستيقظ في الصباح الباكر لإعداد الإفطار لزوجها وأبنائها، وينصرف الزوج وأكبر الأبناء إلى العمل، ويذهب الأبناء الصغار مع الماشية والأوز، أو تذهب الأم بهم إلى المدرسة للتعلم. كما كانت تخرج إلى موارد المياه لتملأ الجرار وتغسل الملابس، وتعود إلى منزلها مزوّدة بما يكفي من الماء لبقية اليوم.

يقول الباحث الأثري محمد حلاوة، نقلا عن المؤرخ الإغريقي هيرودوت “عجبا لهذه البلاد؛ إن النساء فيها يذهبن للأسواق ويعملن في التجارة ويعقدن العقود!”.
أي أن المرأة في مصر القديمة كانت عنصرا أساسيا في الأسرة.

المرأة في العصر الحديث..

النساء هن المسؤولات الأساسيات في العصر الحديث عن رعاية الأسرة، سواءً الأطفال أو الكبار. وهذا في مختلف دول العالم، إذ تظهر الأبحاث أنّ المرأة هي من تأخذ زمام المبادرة في مساعدة الأسرة على التكيف ومواجهة التحديات.

وفي التعليم.. لا يمكن أيضًا إنكار مساهمة المرأة الحديثة في انتقال المجتمع من الأمية إلى القراءة والكتابة، وذلك من خلال تشجيعها للأطفال على الحضور والبقاء في المدرسة، والذي صب في مصلحة المجتمع في العديد من النواحي. إذ تقول الأبحاث أنّ هذا قد ساعد في تحسين الإنتاجية الزراعية، وعزز حماية البيئة ورفع مستوى المعيشة.

ويتمثل دور الزوجة _في عصرنا_ في حياة الرجل في النقاط التالية:

– حب الزوج دون قيود أو شروط. حيث تتمثل رغبة الرجل بعد الزواج في أن يكون شخصا محبوبا ومقدرا على المستوى الجسدي والعاطفي.
– مساندة الزوج في الأوقات الصعبة. وتوفير الدعم له باستمرار حيث يجب أن تكون الزوجة بجانب زوجها في كل خطوة في الأمور الروتينية اليومية. كذلك خلال تحقيقه للأهداف طويلة الأمد.
– الحفاظ على كرامة الزوج وتجنب التحدث عنه بسلبية أمام الغير. كذلك تجنب مشاجرته أمام الآخرين، والحفاظ على خصوصية العلاقة.
– توفير الاحتياجات الأساسية له بتوفير الوجبات اليومية من خلال طبخ الأصناف التي يفضلها. كذلك العناية به في أوقات المرض. بالإضافة إلى الاهتمام بتحسين مزاجه عندما يكون مرهقا.

دور الزوجين من منظور الإسلام..

مهمة الرجل والمرأة في هذه الحياة واحدة ووظيفتهما مشتركة. وكل منهما يقوم بواجبه حسب تكوينه الجسمي والعقلي والعاطفي…. وما فطره الله تعالى عليه وما وهبه من خصائص. فمهمة المرأة داخلية أكثر منها في الخارج. ومهمة الرجل خارجية أكثر منها في الداخل. وبذلك يتم بناء الأسرة على أكمل وجه.

فالزوجة تتحمل المسؤولية الكبرى في رعاية البيت والزوج وتربية الأبناء وخاصة في المرحلة الأولى من أعمارهم. وبقيامها بواجباتها الدينية والاجتماعية تجاه بيتها وزوجها وأولادها، تنال رضا الله تعالى ورضا الناس ودخول الجنة.

وعلى الزوج أن يوفر لزوجته ولأسرته ما تحتاج له ماديا ومعنويا.
وأن يقوم بواجبه في تربية الأبناء وتعليمهم، وبقيامه بتلك الواجبات يستحق نفس الجزاء الذي تستحقه المرأة. لذلك فإن كلا الزوجين مكمل لصاحبه، واختلافهما اختلاف تنوع وتكامل، وليس اختلاف تضاد وتناقض. وما يوجد من الصراع والجدل حول وظيفة المرأة ووظيفة الرجل في الثقافات الأخرى مرفوض في ثقافة الإسلام. فالمسؤولية العامة تقع على عاتق كل منهما. والمسؤولية الخاصة تختلف باختلاف تكوين كل منهما الفطري.
قال تعالى: “وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ” {البقرة:228}.
وبذلك تكون الإدارة العامة في الأسرة للزوج، وهو ما يفسر لنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: “لو كنت آمرا أحدا….. الحديث”
وهو حديث صححه كثير من أهل العلم. والحديث يفيد وجوب طاعة الزوجة لزوجها بالمعروف، واحترامها له إذا كان يقوم بواجباته، وبذلك تستقر الأسرة ويسعد أفرادها.

العرف والتقاليد..

ومنذ بدأت أعيننا وعقولنا تدرك ما حولنا ونحن نرى جداتنا وأمهاتنا يخدمن جدودنا وآباءنا ويقمن على شؤونهم وشؤوننا، وآباؤنا وأجدادنا يقدرونهن ويعترفون بمكانتهن ويمنحنهن حسن الرعاية والمعاشرة.

وبرغم أن الريفيات من أمهاتنا وجدادتنا كن يساعدن في الحقول وأعمالها الصعبة، إلا أنهن لم يهملن قط واجباتهن المتعلقة بإدارة شؤون المنزل ورعاية الأزواج والأولاد، ولم يتنصلن من أي منها، ولذلك فقد كان مجتمعنا أقوى تماسكا وأوضح عرفا.

وقد اتضح ذلك لكل عاقل مدرك لما حوله. ولذلك فإننا نجد ثقافتنا العربية الحديثة تعج بالحديث عن أهمية دور المرأة العظيم في مملكتها التي هي المنزل. ففي الشعر الحديث نجد شاعر النيل حافظ إبراهيم، وهو يصف جانبا من جوانب أدوار المرأة وعظم مكانتها بقوله..
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق.

وقد ضج العرف بكثير من المظاهر التي تبين جوانب من أدوار المرأة في مملكتها المنزلية. فنجد مثلا أنه عقب خطبة الشاب للفتاة تبدأ الكثيرات وأمهاتهن في التباهي بموهبتهن في صناعة أشهى صنوف الطعام وترتيب المنزل والنظرة الذوقية الجمالية في الديكور والتجميل والحرص على النظافة العامة للمنزل.

أما الفن المصري بجميع أنواعه المرئية والمسموعة فلم يتوانَ عن تجسيد وتوضيح هذه الأدوار للمرأة في ميدان أسرتها. والباحث يجد الكثير والكثير من تلك المظاهر والصنوف الفنية المتنوعة.

نعيق الغربان..

وفي الآونة الأخيرة ظهرت موجات من الفساد الفطري والعقلي والمجتمعي. سالت على بعض الألسنة منادية بعدم وجود ما يلزم المرأة بخدمة ورعاية زوجها وأولادها؛ فإذا فعلت، فيجب أن يكون ذلك بمقابل.
أما وجوب نفقة الزوج على زوجته؛ النفقة المعتادة فهي نظير وجودها معه رفيقة، ونظير المتعة الزوجية.

سؤال مولده الحال..

وإني مع الكثيرين أسائل أصحاب هذه النظرة المهينة للمرأة؛ إذا كانت النفقة فقط من أجل الرفقة المجردة والاستمتاع _واعذروني في عرض الفكرة_ ألا تستمتع المرأة أيضا؟! فأين مقابل ذلك؟!.
أليس من الأفضل للرجل إذن _وفقا لهذه النظرة المهينة للمرأة_ عقد القران وترك الزوجة في بيت أهلها وزيارتها مرتين أو مرة أسبوعيا _إذا رغب_ وإعطاؤها مقابلا شهريا أو سنويا للاستمتاع؛ وذلك توفيرا لنفقات الزواج والتزويج والمعيشة والبيت ومتاعه ومصروفاته ومسؤولياته؟. بل لو كان هذا هو الأفضل، فلماذا لم يجعله الله تعالى هو الشكل التقليدي الزواج؟!.

وإني مع هؤلاء الكثيرين أعود فأتساءل؛ ماذا يجبر الرجل على الإتيان بامرأة لتعيش معه فقط، تأكل وتشرب وتلبس وتنفق وتتنزه وتشاهد التلفاز أثناء تناول البطاطس والمكسرات وتطالب بحقوق، لكنها لا تقدم لهذا الرجل شيئا آخر سوى تلك المتعة التي يتحدثون عنها؟!.

ألا تجد عزيزي القارئ، أنه لو كان هذا هو وضع المرأة الحقيقي في الأسرة لكان انتقاصا بغيضا للمرأة وامتهانا مرفوضا لها ولأهمية وجودها في الحياة؟!.

إن هذا الدور الذي هم بصدد تكوينه وإقناع الكثيرين به لا يرقى حتى لدور المرأة في الحضارات التي ظلمتها كما سبق البيان بأعلى المقال. إنهم يريدون جعلها مجرد أداة تستخدم عند الحاجة، بلا أدوار أو مكانة، وبالأحرى بلا كينونة. فهل هذا مقبول؟!.

معنى قوامة الرجل..

قال الله تعالى: “الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ”.
في الآية إثبات قوامة الرجل على المرأة. وقد ذكر الله تعالى لهذه القوامة سببين، أحدهما وهبي، وهو تفضيل الله الرجال على النساء، والآخر كسبي، وهو إنفاقه المال على زوجته.
والقوامة لغة معناها: القيام على الشيء رعاية وحماية، وهذا هو دور الزوج إجمالا.

هل تسقط قوامة الرجل بمساعدة الزوجة في الإنفاق؟

ولكن في ظل صعوبة الحياة هذه الأيام، هل تسقط قوامة الرجل عند مساعدة الزوجة في الإنفاق؟.
سؤال أجاب عنه الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، بفتوى مسجلة له، عبر صفحة الإفتاء المصرية على موقع “يوتيوب”
حيث أكد أنه لا تسقط القوامة عن الزوج. فالحياة الزوجية لا تكون قائمة على حقي وحقك، بل هى قائمة على مودة ورحمة، كما قال المولى تعالى: “وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً”.
وقال أنه يجب على الرجل أن يراعي تعب زوجته ومشقتها فى خدمته، وألا يتسلط عليها بالكره. فى المقابل يجب على الزوجة ألا تبحث بهذا الشكل عن الحقوق. فعليها أن تراعي تعب زوجها، وأنه يبحث ويكد ويجتهد لكي يوفر سبل الراحة وليس مجرد النفقة الأساسية.

مشاعل الفتنة..

لقد صارت الفتنة بين الزوجات والأزواج مشتعلة بغرض تخريب الأسر وإفساد الشباب. ومشعلوها هم من يريدون هدم مصرنا الحبيبة. فالمجتمع المصري لبنته الأسرة، فإذا تهدمت الأسر تهدم مجتمعنا بأكمله.

نداء الحق..

ولقد جاءت ردود الأزهر الشريف متمثلا في فضيلة الإمام الأكبر والعلماء ضد هذه الدعاوى الضالة الفاسدة المفسدة. وكذلك فعل بعض المفكرين من ذوي الرؤية العاقلة، والمرموقين من رموز العلم والثقافة والرأي، مؤكدين على دور المرأة الحقيقي في أسرتها، ومنبهين لخطورة الانسياق بلا وعي وراء كل ناعق يخفي نيته.

وختاما..

فقد رأينا اجتماع الحضارات والشعوب عبر العصور على اختصاص المرأة بتدبير شؤون البيت ورعاية الزوج والأبناء. ورَأينا مكانة المرأة في عرف مجتمعنا. ورأينا دين الإسلام وتقديره لها واهتمامه بها وبدورها العظيم، وبأنها شريكة الرجل في الحياة وملكة البيت.
البيت هو مملكتها الذي تشعر فيها بنفسها وبقدراتها وبحرية تهيئته وتشكيله وفقا لما تريد. والبَيت كذلك ملاذ زوجها وأولادها. وهي سلطانة هذا الملاذ ومدبرته، فهل هي على قدر ذلك؟!.
نعم هي على قدر ذلك؛ ما تمسكت بدينها وفطرتها وعرف أهلها ومجتمعها.
اللهم احفظ مصرنا الحبيبة من كل من أراد بها ضررا. واحفظ رجال مصر ونساءها من كل بذرة فتنة تزرع بينهم، وتروى بفكر خبيث.. اللهم آمين آمين

ما دماغنا بقه! بقلم باسم موسى
ما دماغنا بقه!
بقلم باسم موسى

زر الذهاب إلى الأعلى