أدبي

لا للإستثناء

وقت النشر : 2022/10/27 12:44:44 AM

 لا للإستثناء

بقلم: إسراء فتحي

أمي وأبي الأعزاء لقد أحبَّكم الله، واختاركم لتجتازوا هذه المحنة في رضى وصبر. وأعطاكم اليوم طفلة كفيفة من ذوي الاحتياجات الخاصة. الأمر يدعو للقلق ومخيف ويجب الحرص من الآن. لحظة! الطفلة تبتسم لهم ومتمسكة بإصبع والدتها بكل براءة وحب. والأم احتضنتها وتقبلتها كما عليها فهي قطعة منها. الأب ما زال مندهش لكنه سلم الأمر لله ودعى: «بارك الله لنا في الموهوب، وشكرنا الواهب، وبلغ أشده ورزقنا برهُ». والذين بجانبكم أعطاهم الله ابن لديه إعاقة حركية. وغيركم من اختارهم الله لهذا الأمر. نعم الحالات تختلف لكن هناك حكمة ما لكلٍ منكم.
تكبر الابنة ويصبح عمرها خمس سنوات، ويجب اتخاذ القرار الهام هل ستتعلم أم لا؟ أغلب الآباء في البداية يتحمسون ويقولون نعم. يجب تعليمها ونحن سنشرف على الاهتمام بها، وسنلبي لها كل متطلباتها، هذا أمر رائع، لذا دعونا نتحدث عن الذين يرفضون هذا الأمر. لِمَ لا؟. أهكذا ستحميها! كلا أنت هكذا تضيعها؛ لأنك تضع أول قدمها على باب الجهل من العلم. والذي تخاف منهم في الخارج ومن سوء معاملتهم. معك حق لكن ليس الرفض هو الحل. فمن الممكن أن تزرع بداخلها الثقة، وتحدثها وكأنها شابة واعية وليست طفلة. هي ستفهمك وتستوعب حديثك وخوفك. قل لها ماذا تفعل إن صادف حديث به سوء أو تنمر من الآخرين. أتدري شيئًا حقيقيًا؟ هي متفهمة حالتها أكثر منك ومن الجميع؛ فلا داعِ للرفض. هناك أكثر من طريقة لتحم ابنتك. فقط كن سندًا وعونًا لها واجعلها هي تسعى كما تشاء لطريقها.
هناك أمور تصدر من الآباء تحت بند الخوف والحرص مثل:- يجب البقاء في المنزل، لِمَ، لتبقى مع الحائط أفضل لها؟!
-ممنوع الطهي، لِمَ، لكي لا تحترق، أم لا تكسر الأشياء، أم تفتعل الضجر في الأواني عبثًا؟!.
-ممنوع تنظيف المنزل، صحيح لكي لا ترهق نفسها أو تقع من فوق السجاد!.
-مَمنوع البوح وسط الحديث، نعم فهي صغيرة ولا تفهم شيئًا بعد!.
-ممنوع اللعب مع أبناء الأقارب والجيران، بالفعل لأنها لن تستطيع وهم سيوبخونها بالحديث أليس كذلك!
المرحلة الابتدائية انتهت إذًا -كفى استكمالًا للتعليم. بالتأكيد قد تعلمتِ القراءة والكتابة فلا داع لتضغطي عقلك أكثر واستريحي الآن…
-مَمنوع التزاوج سوى بشبيه حالتك، أي لا بشخص سليم، ولا بإعاقة مختلفة عنكِ _ويكن سندًا لكِ وأنتِ عونًا له أو من الأساس فلا للتزواج مطلقًا.
ماذا بقيَّ لتفعله؟ النظر للحائط والسقف حتى يأتي النوم!. هذه هي التربية بالنسبة لكم؟!. إذًا ما الفرق بين المنزل والسجن؟
ألسنتكم وأفعالكم قصت أجنحة حريتهم، كل ذلك سينتج عنه: -الاعتماد عليكم بشكل كلي.
-تدهور حالاتهم الصحية وبالأكثر النفسية.
-عدم الثقة بالنفس وبالآخرين.
-عدَم الرغبة بفعل أي شيء.
– عدم الاختلاط بأحد وكثرة النوم للهروب.
إذًا لا فرق بين معاملتكم ومعاملة من في الخارج لهم. وبالأخص ماذا يوجد في الخارج نظرات الشفقة، أم حديثهم عن نقصهم كما يزعمون؟!. هذا ما كنتم تخافونه عليهم، لكن ماذا عن دعم الوالدين المعنوي _وليس البدني أو المادي_ هل فكرتم به من قبل؟ كلا قط.
أخي وأختي أنتم لستم عالة على أحد. ولا حتى ضعاف بالعكس أنتم أقوياء، وبداخلكم شيء مختلف عليكم اكتشافه. فأحدهم كان لديه عقل واعي رغم صغر سنه أصبح من الأذكياء والعباقرة. وغيره كان يظن أنه لا يفعل شيء سوى التأمل والتخيل؛ فأصبح من الماهرين في الرسم. هناك من كان متعصب وفقد نعمة ما حديثًا لكنه تقبل، وتعلم معنى الصبر وأصبح راضيًا، ولم يتخلَ عن ثقته بنفسه وطموحه وأحلامه وقال: لابد من التنفيذ على طريقتي الخاصة الجديدة. أنتم أيضًا لا تستسلموا. لا تتخلوا عن أحلامكم، وطالبوا بحقوقكم. لديكم الحق في البوح بها، وبالقول والمشاركة لآرائكم مع الجميع. كفاكم صمت وطالبوا بحريتكم. وحاولوا فتح باب انطلاق دعم النفس بالنفس. لا تنتظروا ولا تعتمدوا على أحد. الأمر سيبدو لكم صعبًا في البداية لكنه ليس مُحال. ومحاولاتكم هذه ستصبح آمالكم في الغد.
أيها الآباء يجب عليكم الإنصات لقلوبهم، وليس تلبية احتياجهم البدني فقط. ضعوا في أذهانكم أن الدعم المعنوي للقلوب من أولوياتكم، ومن أساسيات القرب. الخطوة الهامة هي مشاركتهم معكم لأصغر المواقف والتفاصيل والأفكار؛ لأنها ستصنع بداخلهم الثقة وحرية الاختيار. وإياكم وقفل أبواب حريتهم، إن كان العلم باب للنور والتوسع الفكري والنضج فقولوا أهلًا ومرحبًا بك. وأما عن رزقهم فسيكون بيد الله وليس بأيديكم. والشخص الذي يأتي من بابه، وهو قابل بابنتك كما هي، إن رأيت في عينيه ثقة ورضى وصبر رأيته في عين والدتها فلا تخف عليها، ومهما كانت حالته هو أيضًا، الأهم أن ترى صدقه وسترى عونهم لبعضهم في المستقبل.
كفى أيها المجتمع وضع الاستثناءات على أبواب وحرية ذوي الهمم. امنحوهم الفرص ليختاروا طريقهم. صدقوا أحلامهم الخيالية. اجعلوهم يكافحوا نحو بدء وانطلاق عنان آمالهم.

| “ملاك الأمل”.

لا للإستثناء بقلم: إسراء فتحي
لا للإستثناء
بقلم: إسراء فتحي

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى