غيبوبة سكر
بقلم سناء الشرقاوي
في البناية التي أسكن بها انتقلت عروس
جديدة وسكنت بجواري، وقمت بالتعرف
عليها لما أحسست في وجهها بالقبول
والبشاشة، وعلمت منها أنها كانت تقوم
بمساعدة والدتها في غسل وتكفين
الموتى، فأخذني الفضول لأتعرف على
قصص ربما تكون غريبة أو بها عظة،
فأجابت أنها لم يحدث معها شيء غريب،
ولكن والدتها من حدث معها وبدأت تقص
عليّ القصة.
كان متعلقًا بأمه حد السماء، بارًا بها،
يجلس عند قدميها ويشعر بالأمان
والحب.
كان طفلها المدلل الحنون التي لم ترزق
غيره، كانت تعد الأيام والسنين حتى
تراه عريسًا وتلمس فرحته وتحضن
عروسه التي ستكون في نفس غلاه
وقيمته.
جاءت العروس ومعها كل الندية لأم
زوجها بلا داعٍ، كره غير مبرر ،وتأفف من
لا شيء، ومشاكل بلا مبرر حتى وإن
مدت الأم يد الحب والرأفة والمبادرة
بالجميل إلا أنها كانت تقابله بالقسوة
وعدم الترحاب؛ كانت الزوجة عنيدة، لا
تأبه لأي حَسن أو محاولات من زوجها
لإرضائها دون المساس بأمه، لكنها تريد
إرضاء نفسها وحسب على حساب أمه،
وحتى بعدما رزقت بالأطفال لم تؤثر
عليها غريزة الأم لتقدر العلاقة بين
زوجها وأمه.
ومرت السنون ولم يتغير الأمر، مرضت
الأم وغابت عن الدنيا، وعندما دخلت
المغسلة عليها لتقوم بتكفينها
سمعت ضجيجاً، ومناوشات بين الابن
وزوجته لأنه قام بشراء كفن من الحرير
لوالدته، وهي ترفض لارتفاع ثمنه.
يا للعجب! حتى في موتها لم ترحمها!
وكانت مصرة أن تدخل عليها، ولكن
المغسلة رفضت وقالت لها:
-لقد كنت تكرهينها فيجب عليك ألا
تدخلي إليها، وبعد مشاورات وجدال
اتفقا على حل وسط وهي أن تدخل
حفيدتها لتحضر الغُسل.
وعندما همت بالدخول على جدتها فزعت
الجدة وأفاقت من نومتها وصرخت،
ففزع الحضور وجرى الجميع، وسقطت
الحفيدة مغشيًا عليها من هول ما رأت.
فأسرع الأب مستدعيًا الطبيب لأمه
وابنته، فقال الطبيب: -إن ماحدث للأم
غيبوبة سكري ويجب في هذه الحالة أن
ننتظر أربع ساعات حتى يفيق المريض،
ونتأكد من أنها غيبوبة وليس بموت.
وعندما هم للكشف على الحفيدة قال
الطبيب للأب أن ابنته قد توفاها الله إثر
سكتة قلبية!
هنا ساد الصمت تمامًا، فخرجت المغسلة
لزوجة الابن قائلة:
–الكفن الحرير اللي استخسرتيه في
حماتك بنتك هتتلف بيه!
