أدبي

اكتب كأنك نوع آخر

أنا عصفور

وقت النشر : 2022/12/02 08:19:41 PM

اكتب كأنك نوع آخر

أنا عصفور

بقلم: عزة النوبي

أعلم أنني عصفور صغير، لا حيلة لي. ومع ذلك فأنا لي زقزقة مُثيرة. عندما يسمع صوتي الصغار يقفزون ويضحكون، وإلى أعالي الشجر ينظرون. عندما أسمع ضحكاتهم أرفع صوت زقزقتي ليستمروا في الضحك. أفرح عندما ينظرونني من بعيد.
ولكن في يوم حاول أحدهم الإيقاع بي. أغراني بحبة من القمح بينما كنت جائعًا، رُحت ألتقطها، فوقعت في الفخِّ. لذلك راح يضحك ويُكركر، وجمع أصحابه ليبتسموا، بينما صعقت أنا ولم أستطع النطق.

أمسكني من جناحي، وكان قاسيًا. أوجعتني يد الصغير. كان يقبض على جناحي ويضغطهم بأصابعه بينما ينظرني ويبتسم. كنت واجمًا حَزينًا. نظرت أعلى الشجرة فوجدت رفيقتي تبكي. أعلم يقينًا فقد كانت تبكيني. كنت أحبّ رفيقتي، وكانت تعلم أنني قوي، ولكني كنت أعلم تمامًا أنَّ قبضة الأصابع على جَناحي أقوى. دَمعت عيني حينما ساقونني إلى الداخل بعدما نثرت بعض الريشات منّي جراء قسوتهم. رفيقتي بكتني، وبَكيت أنا نفسي.

ندمي وأسفي

تذكّرت حينما وجدت السكين فى يدِ الصغير كم كنت قاسيًا على أحدِهِم!. وكم من مرّة أهملت في واجباتي نحوهم. لم أستطع الاعتذار عن تقصيري، ولكن هل يقبل الله الآن ندمي وأسفي؟!

لقد سمعت أنَّ الله يقول: ” أمن يُجيب المُضطر إذا دعاه”، وأنا يا رب مضطر الآن أكبر اضطرار، فهل تنقذني وتجيب سؤلي؟!فجأة، سمعت صوت سيدة عجوز تنكفىء على عكّازٍ من خَشب، كانت تقول: حرام عليك يا وَلد، عصفور صغير مسكين ليس به لحم، لماذا ستذبحه؟!.
ضحك الصغير وقال: به كبدة وقونصة أرغب فيهما.
فسألت العجوز: ستحزن لو والدك مات أو فقدت أمك؟
قال الصغير بتعجّب: نعم.
قالت العجوز بينما يحرّكني الصغير كاليويو في يدهِ: للعصفور صِغار يبكون الآن،  ينتظرون عودته لهم. اذهب وضعه على فرع الشجرة ليعود إليهم.
نظرت عين الصغير فكان حزينًا صامتًا ومن حوله الآخرون يمنعونه حريّتي. لم يهتم لهم، وراح ينظرني قائلًا: حقًا، لك صغار؟
كنت أُجيب بعيني: ليس بعد، ولكن رفيقتي حامل في اثنين.
رأيته يقول: مَن يطعمهم الآن؟
قلت بعيني: أسعى على رزقي ورزقهم، والله رازقنا.
قال: هيا اذهب في آمان.
تركني بعدما أثرّت القبضة في جناحي فوهن، ولكني ابتعدت سريعًا على فرع أعلى أخشى أن يعيد الكرّة معي. كان ينظرني بوجه حزين، وسمعت أقرانه يقولون: خسئت؛ كيف تطلقه بعدما كان في يدك؟! فلم يجبهم، ودخل إلى بيتِ العجوز مطاطيء الرأس.

الله يُحبك

حاولت أن أسترق بعض السمع، وسمعت الولد يقول: جدتي، أطلقت سراح العصفور. راح يرتفع على فرعٍ أعلى الشجرة، فهل الله يحبّني الآن؟!.
ابتسمت العجوز وقالت: نعم يا صغيري نعم، الله يحبك، وكذلك العصفور وأولاده.
أجاب الصغير على عجل: وأنا أحب الله، وأحبك جدتي، وأحب العصفور.

ابتسمت أنا ورفرف بجناحي ورحت أزقزق بصوت عالٍ وأنا أقول: “أحبكم أيضًا”
رأيت الصغير يأتي ومعه العجوز وينظران لأعلى، وأنا أقول: ” أمن يُجيب المُضطر إذا دعاه” صدق الله.. صدق الله.

اكتب كأنك نوع آخرأنا عصفور بقلم: عزة النوبي
اكتب كأنك نوع آخر
أنا عصفور
بقلم: عزة النوبي

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى