أدبي

دمعة يتيمة

وقت النشر : 2022/12/04 02:16:51 PM

دمعة يتيمة

بقلم: عزت أباظة

لا أحب منع نفسى من الكتابة إليك، حين تخطر ببالي أفتح لك صفحة وأملأها بما تيسر من خيبة أمل وفشل. وكلما تألم قلبي منك تألمت معه حروفي. ينتظرك الآن سرد موجع، وبوح يؤرق الروح. فوطِّن نفسك على الحزن كما يليق بما ستقرأ من سطور العذاب. أريدك أن تشهد تداعيات إهمالك وظلمك وطغيانك حتى تتوجع وتندم على تفريطك.

لماذا قتلتني وأنا الذي كنت أحرص عليك حرصي على نفسي؟. لماذا تخليت عني رغم علمك أن غيابك يكسرني؟. أنا أختنق بما لا أطيق، وأحتضن الشوك وأتظاهر بالثبات. منذ انقطع الحبل الذي كان موصولا بيني وبينك أظلم الجو، وأضحى يومي شديد الكآبة باهت اللون. تتملكني رغبة في أن أصرخ متألمًا من هذا الظلم البيِّن، من هذا القلب الذي تعلق بك. وحين أدرك الاستحالةوأنني لم أقو على تجاوزك، أريد أن أصرخ، لكن تتحول صرختي إلى صمت حزين لا أقوى فيه على الحديث  ثم تطفر من عيني دمعة شديدة الرقة لا أكاد أحسها. تتلاشى تلك الدمعة فور خروجها وكأنها لا تحب أن تترك أي دليل خلفها. إنها دمعة يتيمة لم تتبعها أي دمعة بعدها، ثم تحجرت عيوني.

شعاع القمر

أفتح نافذتي فيغمرني شعاع القمر ويغسل ملامحي. أطالع مرآتي فأجد وجهي بلون الفضة محايدًا لا يبدو عليه الحزن ولا يوجد فيه دليل على السعادة، لكن هذا الوجه الرخامي المصقول يخفي خلفه معركة طاحنة. أنا أعاني من انفعال يهزني، وهدير مكتوم في داخلي لا أقوى على تحمله. انفعالى يؤلمني.أهرب بعيوني من نفسي، وأنتقل بها من مكان إلى مكان. يقتلني الحنين إليك فأنا شهيد حظي التعيس معك. يمزقني الهلع على خسارتي التي لا عوض لها ولا خلف ولا بديل. أشعر باليأس وأنا أتخيل أيامي القادمة وحيدًا، منفيًا، طريدًا، شريدًا لا أنيس معي ولا جليس يملأ عليّ فراغ روحي.

لقد ضاع مني ما لا أستطيع تعويضه أبدًا.
وفقدت شيئًا عزيزًا لن تجود عليّ الأيام بمثله مرة أخرى. انفعالي صار تنهيدة ساخنة فيها معنى اللوعة واللهفة. انفعالي يسير بي وأنا خلفه، يغمرني الإحباط والفشل بعد ما لقيت منك وفيك.

ليتني ما كنت قطعت طريقك بلهفتي أبدا. ليتني ما كنت تجرأت واقتحمت عليك خلوتك، وليتك ما كنت سمعتني. ليت عيونك ما لمعت بالفرحة حين رأتني. ليتك ما كنت أبديت نحوي أي حنان أو مودة. تؤرقني الذكرى. ويعصف باتزاني فقداني لك. ينقصني قلبي، أنا الآن إنسان بلا قلب. فسدت حياتي وكأنها صارت تفاحة معطوبة لا صلاح لها. لعل فيما تراه من عذابي عبرة لك ودرسًا يعلمك أن كسر الخواطر يهز الرجال، وتكاد أن تزول منه الجبال.
هي رسالتي لك، فاقرأني بتمعن، وتدبر حروفي.
واشهد بعيونك مصرعي، وارتدِ زي الحِداد، ثم أظهر لنفسك خالص الندم؛ فقد تخطى ظلمك لي كل حد.

دمعة يتيمة بقلم: عزت أباظة
دمعة يتيمة بقلم: عزت أباظة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى