لماذا ننسى؟

لماذا ننسى؟

كتب: إبراهيم أبو عمر

يتذمر الكثير من الناس من عدم قدرتهم على تذكر المعلومات بسهولة، وغالباً ما يلومون أنفسهم على ذلك،

لكن الحقيقة هي أن الذاكرة البشرية تعمل على نحو مختلف وتعتمد على العديد من العوامل.

واحدة من أهم العوامل التي تؤثر على الذاكرة هي الذاكرة العاملة، وهي مسؤولة عن تخزين ومعالجة المعلومات في اللحظة الحالية،

فيؤثر استخدام الإنترنت وخاصة مشاهدة الفيديو على الذاكرة العاملة بشكل كبير، وفي هذا المقال سنستكشف السبب وراء ذلك.

بسم الله نبدأ..

إننا كبشر نمتلك ذاكرتين واحدة قصيرة المدى “عاملة”، وأخرى بعيدة المدى، أما عن الأولى فتعمل على تخزين المعلومات لنقلها إلى الذاكرة البعيدة المدى،

حيث تسمح الذاكرة قصيرة المدى بتخزين المعلومات لفترة قصيرة ومعالجتها وتحويلها إلى صور أكثر شمولًا،

ويتم نقل هذه الصور إلى الذاكرة بعيدة المدى للحفظ لفترة طويلة من الوقت.

والآن بعد أن عرفنا عمل الذاكرة قصيرة المدى، أود طرح بعض التساؤلات:

–كم صفحة يمكنك قراءتها خلال عشر دقائق؟

-كم معادلة رياضية متوسطة الصعوبة يمكنك حلها خلال عشر دقائق؟ 

-كم فيديو تيك توك تشاهد خلال عشر دقائق؟ 

أقول لك…

إن الشخص الطبيعي يمكنه قراءة ما يقارب من سبع صفحات في عشر دقائق “قراءة دون تمعن”،

ويمكنه حل عشر معادلات متوسطة الصعوبة خلال عشر دقائق “يعتمد على خبرة الشخص”،

ويمكنه مشاهدة عشرين مقطع تيك توك خلال عشر دقائق أيضًا، وهنا بيت القصيد، لأن تحليل مقاطع الفيديو أصعب على الذاكرة العاملة

بالمقارنة مع قراءة الكتاب، فعند مشاهدة فيديو، يجب على الدماغ معالجة الكثير من المعلومات البصرية والسمعية في نفس الوقت،

مثل الصور والأصوات والحركات والتفاصيل الأخرى، وهذا قد يؤدي إلى تعرض الذاكرة العاملة لضغط كبير.

ومن ناحية أخرى، عند القراءة يستخدم الدماغ طرقاً مختلفة لمعالجة المعلومات وتخزينها في الذاكرة العاملة، حيث يتم التركيز على النص المكتوب

وتحويل الأحرف إلى معانٍ، وتشغيل الخيال لتصور الأحداث والمشاهد التي يصفها النص، وهذا يتطلب استخدام أقل من الموارد العقلية بشكل عام.

وبالتالي، عندما نتعرض لضغط كبير على الذاكرة العاملة، مثل مشاهدة مقاطع فيديو متتابعة لفترة طويلة، يصعب على الدماغ

معالجة جميع المعلومات بنفس الفعالية والسرعة التي يتعامل بها مع المعلومات الأخرى، مما يؤدي إلى ضعف الذاكرة القصيرة المدى ونسيان بعض المعلومات.

كما يؤثر التشتت والتشويش على الذاكرة القصيرة المدى، حيث يقوم الدماغ بتخزين المعلومات

بشكل عشوائي وغير منتظم، مما يجعل من الصعب استرجاع هذه المعلومات فيما بعد.

وفي هذا الصدد أيضاً نشر أحد المعاهد الأمريكية بحثاً بعنوان

Research on Adolescents Regarding the Indirect Effect of Depression, Anxiety, and Stress between TikTok Use Disorder and Memory Loss

اضطراب استخدام تيك توك بين فقدان الذاكرة والقلق والاكتئاب والتوتر لدى المراهقين، وكانت خلاصة البحث كالآتي:

شمل هذا البحث مشاركة 3036 طالبًا صينيًا في السنتين الأولى والثانية من المدرسة الثانوية، كان المراهقون مستخدمين نشطين لـ TikTok.

تهدف الدراسة إلى فهم العلاقة بين اضطراب استخدام TikTok وفقدان الذاكرة، القلق، والاكتئاب، وذلك باستخدام عينة من المراهقين،

وتشير النتائج إلى وجود علاقة إيجابية ومعنوية بين اضطراب استخدام TikTok وفقدان الذاكرة والقلق والاكتئاب.

وتشير النتائج إلى أن الآثار غير المباشرة للاكتئاب والقلق والتوتر الناتجة عن اضطراب استخدام TikTok يمكن أن تسهم في فقدان الذاكرة.

بعد كل ماسبق أقول لكم:

علينا أن نراجع أنفسنا وأن نكون حذرين عند استخدامنا لمواقع التواصل الاجتماعي وأن نرشد أنفسنا أولاً ومن ثم أطفالنا بهذا الخصوص،

أو حتى علينا أن نتجه أن نكون بعيدين عن هذه المواقع وأن نلجأ لعادات أُخرى أقل ضررًا وأكثر نفعًا لنا.

وشكرًا لكم على حسن المتابعة…