أدبيمقالات متنوعة

الثانية فجرًا

وقت النشر : 2024/03/16 01:25:30 PM

الثانية فجرًا

بقلم: منى أحمد إبراهيم

الثانية بعد منتصف الليل …
البحر هائج جدًا اليوم … والجو بارد قليلًا … أتعلم هذا؟
لقد بردت القهوة التي أعددتها لنا بالأمس … أتعلم هذا أيضًا؟
أتعلم أيضًا؟!
أنا لا أحب القهوة أساسًا …
آه … نسيت … كيف حالك أولًا وقبل أي شئ؟
يا كل وأحب الأشياء والوجود إلى قلبي …

نام طيفك عني بالأمس حلمًا كما اعتاد واقعًا …
هل أخبرتك أن طيفك مؤنسي الدائم في أحلامي؟
يأتيني ليربت على وجنتي بحنان ويقبل جبيني فألتقط أنفاسي وأبتسم سعادةً وخجلًا … وأكمل نومي بسلام … ثم يستقر عميقًا بداخلي كي يهون بعد تلك الأميال … فما أقصاك عني!

أتساءل دومًا … هل ينقل موج البحر أسراري ورسائلي الدائمة إليك؟
أمقصر هو ومظلوم أنت؟
أو مثابر هو وقاسٍ أنت؟
اهدأ يا موج فأنا أعرف الحقيقة ولكنني أكابر من أجل عزة نفسي … ومن أجل ألا ينقطع أملي … ومن أجل ألا أكسر روحي فأخسرها …
فحبيبي قاسٍ … جدًااااا …
لا تخلط رذاذك الملحي بقطرات دموعي … ارفق بوجنتي … ما عادتا يحتملان مرارة الصبر … وقد سطر الزمان قصائده عليهما … ما بين كلمات لهفةٍ وآهاتٍ وشوقٍ ووله …
نعم … أشتاق إليه … إلى احتضانه عوضًا عن دبي القطني العجوز … فقد شاخت أنسجته واكتفت من بكائي واعتصاري الدائم لها … لقد ظمئت بشدة … وعيناه نهري وسلسبيلي … وماء البحر مالح لا يروي مهما كان صادقًا …

البحر … كم أحب البحر مثلك تمامًا!
ما أجمله وأجله وأبهاه وأروعه!
أتتذكر ذلك اليوم؟ لقاءنا الأول؟
حين أتيت بفرسك وحملتني على صهوته وانطلقنا …
مررنا بكل فصول الربيع في طريقنا … حتى وصلنا للبحر … فتمختر الحصان على شاطئه … يجري تارة ويهرول تارة ويبطئ خطواته تارات كثيرات زامنت همساتك … وكأنه يخشى ألا تصلني كاملة تلك الهمسات التي باحت بكل مشاعرك …

كنت أتشبث بك تشبث الطفلة … خائفة سعيدة ضاحكة ومليئة بالحياة … تأخذني كلمات غزلك لعوالم أخرى ما عرفت طريقها من قبل … فتخطف أنفاسي وتخضب وجنتي بحمرة خجل تدغدغ كل حواسي …
جرئ أنت يا هذا!
من أخبره يا موج أني كنت أحلم بركوب حصان؟!
من قال له أنني طفلة من الداخل تحلم بتجربة كل جنون الحياة؟!
ولمَ ما عاد يأتي؟ أتوقفت عن إخباره كعادتك؟!
اذهب وأخبره … فأنا أعلم أنك تنقل له همسي إليك … ولكني أغض الطرف ترفعًا وأنفة وعزة … حتى لا يوجعني تجاهله وانشغاله الدائم عني …

أشعر بالبرد … سأذهب للنوم الآن … وإذا أتى أخبر دبي أن يوقظني حتى أتجهز له … وإذا لم يأتِ فأرجوك ألا توقظني أبدًا …
فأنا من بعد ذهابه ما عدت أعرف حقا……. “من أنا؟!”

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى