مقالات متنوعة

كيف تجد السعادة؟

وقت النشر : 2024/06/05 07:37:37 AM

كيف تجد السعادة

طلعت عبدالرحيم.. يكتب

أين توجد ومن تمكن من امتلاكها؟

إنها شيء يصعب على الإنسان امتلاكه.. وقد قال تعالى:

“يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ [105]” سورة هود.

نجد معظم البشر في الدنيا منذ القدم وفي الحاضر يبحثون عن شيء مفقود وهو السعادة في الدنيا، ولكنها شيء قد يكون محال والباحث عنها كالباحث عن سراب؛ فلا الغني سعيد، ولا الفقير سعيد، وربما من امتلك المال والثروة داهمه المرض السقيم كالسكري أو الضغط أو القلب، أو ربما مرض معضل كالسرطان.

ربما من كان فقير فقد شرب من مرارة الحرمان وكأس الفقر وذل السؤال..

“لقد خلقنا الانسان في كبد[4]” سورة البلد.

فالإنسان منذ أن يعي في الحياة يكابد الأحوال المختلفة حيث الظروف الصعبة وتقلب النفس ما بين شهواتها وملذاتها، فتتغير وتتقلب من حين لآخر وتتشكل وتتبدل على حسب الظروف والأزمان، وفي كل يوم في أمر عجيب وكل لحظة فيها أمر مريب..

فلا هي بالقرآن اهتدت ولا بحديث نبينا استوت، ولا بمواعظ وعبر التاريخ اعتبرت، فأين الفراعنة الشداد، وقوم تبع وصالح الفجرة؟ أين قوم لوط وفعلهم؟ وأصحاب الأيكة وثمود وحضاراتهم؟ أين قوم نوح وعظمتهم؟ أين كسرى وأين الروم وأين ذو القرنين؟

 الحقيقة الوحيدة في الحياة هي أن الكل راحلون، فلمَ النفس سريعة العصيان والتمرد على ربها؟ بطيئة في القيام بما أمر خالقها وتترك الشيطان يتلاعب بها في كل حين؟

إن الإنسان حينما يدخل القبر فتلك حكاية أخرى برغم علمه بما ينتظره في لحده، من سؤال عظيم، وحساب دقيق، وعذاب أليم، وضمة للقبر، رغم ذلك يظل غافلًا..

فالإنسان لا يتقن صلاته ولا صيامه ولا عبادة من عبادات ربه بل ترك نفسه وحلت في بحور الشرك الخفي من رياء ونفاق ومجد كاذب في هذه الدنيا، ولكنه حتما سيزول، فعود نفسك على مواجهة الحقيقة المُرة ولا تركن نفسك إلى الوهم المريح.

في أيامنا هذه ينفق الإنسان في سبيل الله ليقال عليه كريم، وآخر ينشر العلم ليس لله بل ليقال عنه عالم، وآخر يجاهد ويقاتل ليس لله بل ليقال عنه شجاع، وفلان في الظاهر عابد صالح وفي الخفاء شيطان مارد، أي كما قيل:

وتخفي الذنب عن خلقي وبالعصان تأتيني.

وكأن الله لا يرانا وكأنه ليس هناك وقوف وعرض بين يديه، أيها السادة الكرام انظروا إلى حال المسلمين اليوم، أكثر من 2 مليار مسلم ما يربطنا أكبر مما يفرقنا، فربنا واحد، ورسولنا واحد، وكتابنا واحد، وقبلتنا واحدة، صرنا غثاء كغثاء السيل..

ملياري مسلم ولكن ليس لهم رأي ولا قرار ولا صوت ولا نفوذ بعد أن كانوا يقودون العالم فأصبح يفترى عليهم كل افتراء، ويلصق بهم كل التهم.

صنفوا الإرهابيين فقط بأنهم من المسلمين، والقتلة فقط من المسلمين، الجهل فقط يصدر من المسلمين، ونحن استسلمنا لذلك.

يمتلك العالم الإسلامي 65% تقريبا من ثروات الأرض لكن الحقيقة المُرة أن 80% من فقراء ولاجئي العالم من المسلمين، وبسبب تهاوننا وتراخينا كدنا أن نفقد القدس وصية سيد الخلق صلوات الله عليه، وهي ليست بأيدينا منذ ما يقارب قرن.

وفي الآونة الأخيرة مات أكثر من 4 مليون قتيل في العراق بسبب الحرب، 6 مليون قتيل في السودان، مليوني قتيل سوري وأكثر من 3 مليون قتيل في فلسطين منذ النكبة، وما يقارب مليون قتيل لبناني في حرب 1975 والقائمة تطول من الملايين الذين قتلوا في الجزائر واليمن وأفغانستان والصومال والشيشان والبوسنة وميانمار نحسبهم جميعا من الشهداء إن شاء الله.

والآن، يتم التخطيط بكل فُجر لجر أهلنا في الأردن والمغرب وتونس ومصر لنشر الفوضى في البلاد ونشر الدمار والدماء، نسأل الله أن يحفظ الأردن ومصر وتونس والمغرب وكل بلاد المسلمين من كل شرورهم.

إلى متى نظل هكذا؟ فنحن أكثر من ملياري مسلم وليس لنا أي تأثير ولا قرار، ومازلنا في نوم عميق ولم نستيقظ بعد، ولم نستعد لما يحاك لنا، ولم نبنِ قوة وأسلحة فتاكة تمثلنا وتدافع عنا.

إلى متى نظل هكذا؟ أما الكلام الذي يؤرق النفس ويكسر ويدمي القلب هو خوفي أن نكون نحن “غثاء السيل” الذين قصدهم نبينا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام.

نريد وقفة صادقة مع النفس ورجوع حقيقي إلى الله، يجب على كل واحد من أبناء أمتنا أن يكون مرابطًا في مكانه، بدءًا من الأم في البيت والتي بصلاحها تصلح الأسرة جميعها، ونقول لأمهاتنا اغرسي في أبنائك غرس إسلامي حقيقي، ولآبائنا كن مرابطًا في مكان عملك، اجعل دائرتك دائرة إسلامية بصدقك وأمانتك، ونقول لأساتذتنا الكرام أنتم يقع على عاتقكم حمل ثقيل، نريد أجيال واعية ذات همة عالية تنتشل هذه الأمة من الظلام.

من هنا، يجب على كل واحد فينا أن يبحث عن نفسه ويهذبها لنتمكن من الفوز لأن الآخرين ليسوا أكثر شجاعة منا.

ماذا تنتظرون يا مسلمين؟

اتحدوا اتحاد إسلامي حقيقي، وليكن شعارنا جميعًا أنه كل شبر من الأرض يذكر فيه الله ويرفع فيه الآذان هو وطننا.

ومن هذا المبدأ تجد السعادة في رضا الله والحفاظ على الوطن والأرض والعرض والشرف والدين، فهي سعادة في الدنيا لحصولك على الكرامة والأمن والأمان، وسعادة في الآخرة لحمايه الدين والأوطان.

 

زر الذهاب إلى الأعلى