هذاماوقرفىرأسىبعدانانتهيتمنالقراءة، ربماكانتمقدمةتشيبالانطباعيةولاتؤشر لقراءةنقديةمنهجية،ولكنعندماتنزالقصص ألمًا وتشير منطرفخفي إلى أجواء معركةكانتملتهبةالصراعبينرجلوذاتهتارةورجلوامرأةبعيدةالمنالتارة أخرى.
عندماتشتمرائحةاحتراققلب زرع في جنباتهحدائقمزهرة، وراحيدعو أنثاه إليهاكي تستظل فيها بظلالها، ممتنةلصاحبالحديقة، فإذاالحديقةتحترقوإذاالدخانيتصاعد، وإذا رائحتهتنتشر.
أقولعندمايحدثذلك إثر قراءتك لقصةواحدةفإننا لابد أن نضرببالمنهجيةعرضالحائطفمابالكونحننتحدثعنمجموعةقوامهاسبعة عشرةقصة، إذنفليس منطقيًا أن أتحدث عنالرواي إن كانغائبًا أو مشاركًا،متحدثًا بضميرالهو أو بضميرالأنابعدمالمستعذاباتهوسمعت أنين قلبه شممت رائحةاحتراقجسده،لميعديعنينىالرواي منيكونبعدما شعرت أنني ربماكنتالبطلفي معظمالقصص.
وليسمنطقيًا أن نتحدثعنالزمنفي القصص،هلحدثتفي الماضي أم ستحدثغدًا، بعدماحرصالكاتبعلىاستخدامهالأفعالالمضارعةفىجلقصصه،ليوهمنابأنالمأساةلمتزل أحداثها جاريةوساخنة.
وليسمنطقيًا أيضًا أن نتحدثعنالشخوصفي القصصولا سماتهاالجسدية أو مواصفاتهاالشكلية،بعدمااكتشفنابراعة الكاتب فىتجسيدالأفكاروالمشاعروالمواقفالفلسفيةفي قالبقصصي تتحولفيهالأفكار إلى أحداث.
لقدكانينسجقصصه من عصارة ألمه، فيحيلالمعنىالذييقصده إلى وقائعرمزيةليست مقصودة لذاتها، وإنما المقصودهوالمعنىالمختبئورائها؛ولذاليسغريبًا أن نقرأالنصمرةً بعدمرة كي نفكشفرتهونؤِلُ معناهونعيدبنائه.
وبناءًعلىهذاالإهداءالذييعدمقدمة أولى، نتأهلنفسيًا للقراءة، وبعد أن ننتهي سنتأكد أنه لميغرربناولم يراوغنا،بلكانصادقًاحتىلكأنهتقمصَ شخصيةواحدةتعانىحزمةً منالأمراض النفسية،وراحيصرخفيناكىننتبهلهذاالمريض،فلمننتبهفقطبلتألمناله أيضًا؛ وأظن أن هذامايسعى إليه كلكاتب “أن تتألم لأبطاله”..
فنحن أمام رجل في
متاهةكبيرة إثر أن يدخلنا إياها،رجليمشي في متاهته من أجل الوصول، لنكتشف أنه تائهولايعرف(معنى الوصول)، وربماكانمنالمناسب أن أقول أن الكلمةالأخيرةالتي ختم بهاالكاتبمجموعتهالتي كانتبمثابةمتاهةكبيرة؛ أقول الكلمة الأخيرةالتيختمبهاالكاتبمجموعتههيالسؤالالذي يتردد داخلنا ليلنهار (ماالوصول؟)..
هذاالرجلمازاليمشي،يمشىبلاهدفاللهم إلا إذا اعتبرناأن المشيهدففي ذاته.
هذارجلبرأسملعونةاختلطتفيهاكلالأمور،لذاليسغريبًا أنيجعلمننفسهلعبةليحكي قصتها،وهو إذ يحكىقصتهالميكن يحكي إلا قصته،وكيف أنَّ الإنسانَ ربماكانمثلدميةفىيدمن يحب جاعلًا مننفسهِ مصدرًالبهجتهوفرحه،مطيعًاله، مرنًالينًا هينًا،يفعلكلذلكلأنه يحبهذاالشخص _ رجلاكاناو امرأة_ فإذاهذاالحبيببدلًا من أن يهتمبهويشكرلهحسنصنيعه، إذا بهيطعنهطعناتفي أماكنمتفرقةمنجسده، تمامًاكمايفعلالصغاربالدمى.
** امرأةٌ تلك التي أودتبحياةالرجلالنفسية إلى قعرِ بئرِ الجنون؟!
سؤالٌكانيقفزُ إلىرأسىكلماانتهيتمنقصةٍ،ولست أدريلماذاكانيقفزُ سؤالكهذ، رغم أن النصوصلاتشي بهولاتصرحبالقضية أصلًا،وربماكان السؤال أكثرَ إلحاحًا عندمااكتشفت أنَّ أغلب النصوصلاتقولصراحةً أن ثمةامرأةما،لكن أنفاس هذه المرأة لفحتني كثيرًا، فبتفي المتاهةِذاتها أبحث عنها، أحاول أن أرسم لهاصورةًتليقبفعالها، أحاول أن أضع لهااسمًايعبر عنتغلغلهافي قلبالرجلوسريانهافي أوردته، أحاول أن أتخيل لها قوامًا وهيئة وأجعل لها عينينولسانًا وشفتين،كي أنظر فىعينيهاوأقرأ مافيهماوأنصت إلى شفتيهاوماتنطقبهما.
أيامرأةٍتلكالتي بثتالرعبفىقلبرجلهاوحبيبها، فراحيخبؤها بين حروفِ الكلماتوبينكلماتالأسطرِ وبين أسطرِ الصفحاتِوبينصفحاتِالكتابوبينكتبِ مكتبتهالضخمة،حجابٌمنورائهِ حجاب،كأني بالرجلفىهذهالقصص _ ونحنمثلهفىكثيرالاحوال _ كأني بهيخشىعواقبالتصريحفذهبمنفورهِ إلى الرمزِوإلَّا كيفنفسرُمايلي؛
لقدبدتمتواطئةعندما (أرادتلهميتةً بطيئةيسبقها أملٌ في حياةٍ وفي رغبةٍوفي رشفةِحب)كانتقدعقدتالعزم ألا تنيله إيَّاها.
ثانيًا:
– منتكونتلكالمرأةالتىقررالبطل أن يضحي بنفسهِ كي يتخلصلهامنوحشٍمرعبيلتهمالجميع، ولأن الوحشَ في متاهةٍ أرضيةٍ بعيدة،ولأنهُ وثقَ في حبيبته،فقد أمسكَ بطرفِالخيطالذي أمسكت هي بطرفهِالآخر حتىيهتديبهِ إذا عادَمنتصرًا، لكنهالمتكن إلا كتلكالتي قتلتهببطءٍفي القصةِ السابقة، وهيهناخذلته؛ إذ فرتهاربةمرتعبةتاركةً إيَّاهُ يواجه مصيره.
– منتراهاهذهالمرأةالتي أحبتهوتماهتفي حبه، ثماكتشفت أنها وقعت فىسوءِفهمٍلطبيعةِ العلاقة، وأنِّي وأيماللهلشعرتلوهلةٍ أنَّهاالمرأةذاتهاالتىخانتهمرةوخذلتهمرة،فصنعلهاقصةًجعلهافيهاضعيفةوذليلةتستجدىحبه، ثمصفعهاصفعةَمنتقمبأنقاللها (الاستعاراتشيءٌ خطيرولايمكننا أن نمزحمعالاستعارات)
وهنالابد أننستحضرونتخيلكيفكانتهذهالاستعارة؟كيف قالها لتفهممنها أنه يحبها؟
رغمإشفاقيعليهاإلا أنَّنيسعدتمن أجله أن نالمنهاجزاءماقدمتيداها.
رابعًا:
– ها هي المرأةتطلبرأسهامرةً أخرى لكنهافىصورةِشمسٍأفلة،هكذا أرادَ الكاتب أن يوقظبطلهالذي توهم أنَّ امرأتهشمسٌقد تُضئُ لهالحياة، وأنَّهاقدتكونسببًا لسعادته، فإذا بهاليست إلَّا شمسًا أفلةً بغيرضياء،مندونحرارة،منزوعةَالدفءوالاحتواء،متجمدةالمشاعر.
خامسًا:
-لمتزلالمرأةفىصدارةِنصٍ عنوانه (الرجلالذىمشى)،
لمتغادرني روحالمرأةفىهذاالنصالذي لميأتعلىذكرهامن قريبٍ أو بعيد،لكنالحالةالتيوصل إليها الرجلفجعلتهيمشي بغير هَدي، يضربفىالصحراءِ الشاسعة،يتوغلفي التيهبغيردليل، يأكلالأسفلتنعلحذائهوتشوي حرارتهجلدجسدهحتىتساقط منه.
أقولُ أنَّ هذهالحالةالتيوصلَ إليهاالبطللمتكن إلَّا أنَّهُ يؤمن أنَّ (الإنسانليسفىحاجةٍ إلى أكسجين ليحيا، إنه في حاجةٍ إلىغايةٍوأمل)وماالغايةوالأمل إلَّا امرأةيحبهاالرجلفتصبح لهُ طريقًايجدالسعي فيهمن أجلها،فإذا ماغابتظلَّ سائرًا بغير هَدي..
** تكفيناهذهالنماذجالدالةعلىحضورالمرأةالسلبي فىحياةرجلمرهفالحس،يتلقىالصدماتواحدةًتلو أخرى،فلماراحيكتبقصته،كتبقصةَ رجالٍكثر،كانت أحلامهم تنحصرفي امرأةٍخذلتهمفأصابهم مسٌ منالجنونِ والاضطرابالنفسي، هذا الاضطراب الذي بداواضحًا في جنباتِ النصوصجميعها.
ولأنالكاتبيمتلك أدواته، فقدجاءتنصوصهمكتنزةمكثفةنشتم فيها رائحةالثقافةالعاليةوالفلسفةالخاصةوالرؤيةالواضحة.