بقلم : تقى عبد العزيز
المنزل هو أساس الأخلاق ، فالتربية قبل التعليم .
الطفل كالأرض الزراعية تقوم فيه بزرع الأخلاق الحميدة أو الفاسدة ، فكما تزرع الأرض بمحصول من الخضار كالطماطم و قطعة أرض أخرى بمحصول من الفواكه كالبرتقال و تظل تزرع بها نفس نوع المحصول و تهتم به و تراعيه ستنتج أفضل نوع من المحاصيل ، و هذا ما يحدث مع الطفل تمامًا تزرع به الأخلاق و الخوف من الله و عقابه على الأخطاء و محبته و رحمته حين نصلح من أنفسنا و لا نعيد أخطاءنا مجددًا .
و عندما يفسد الطفل يصبح الفساد في المنزل ، كما نفسد الأرض الزراعية عندما تجعل الأرض التي تزرع بها محصول الخضار بدلًا عنها محصولًا من الفاكهة ، و تجعل الأرض التي تزرع بها الفاكهة تزرع بها محصولًا من الخضار ، و بدون إهتمام أو رعاية و بدون إستصلاح الأرض لإنتاج محاصيل أخرى بدلًا عن المحصول القديم ، يصبح المحصول فاسدًا .
و هكذا تفسد أخلاق الأطفال عندما تزرع بهم الأخلاق الحميدة في صغرهم و من ثم تقوم بتغيير الأسلوب في التربيه ، عندما يراك تكذب ، أو تسرق ، أو تخون الصديق و الأهل ، أو تعهد بشيء و تخون العهد ، عندما تأكل الميراث و حق اليتيم ، عندما لا تعلمه الصح من الخطأ ، عندما لا يكون هناك عقاب على الخطأ ، أن يأخذ ما يريد حتى إذا وصل حد القتل ، و الغيرة ، و الغيبة و النميمة ، أن يكون أمامك حبيبك و خلفك أكبر عدو لك ، أن ينقل الحديث من موقع لآخر و خلق العداوة بين الناس ، ذلك ما يتعلمه الطفل من المنزل و ليس في المدرسة و يجب معاقبة أولياء الأمور على ما يفعله الطفل من أخطاء فهم من أفسدوا الأخلاق .
ولكن عندما يصبح المنزل صالحًا يصبح الطفل حكيمًا صالحًا يبني أجيالًا يقومون ببناء الوطن و علو شأنه ، و هناك قواعد و أسس للبناء الصالح و زراعة الأخلاق في الطفل .
فعندما تكون صادقًا ، مخلصًا ، أمينًا ، شريفًا ، بدون غل و حقد و حسد ، تحب لأخيك كما تحب لنفسك ، أن يوفي بالعهد و الوعد ، و أن لا ينظر لغيره من حسن أو ذم فجميعنا لسنا بكاملين لا خلقا و لا أخلاقا فجميعنا لدينا عيوب ، قد تكون ظاهريه أو مخفية و أن يحمد الله على كل شيء في الأسوأ و الأحسن و هكذا يظل الطفل شاكرًا حامدًا ، و أن يعطف الكبير على الصغير و أن يساوي بينهم بالمعاملة حتى لا يشعر أحدهم بالنقصان ويبدأ الكره بينهم والحقد يتوغل بينهم ، فليس الدين هو الصلاة و اللباس المحتشم و الصوم ولكن أيضًا الأخلاق .
تلك الأخلاق التي أختفت في مجتمعنا العربي و الإسلامي و كأن الدين يقتصر على الملابس و الذقن للرجال و النقاب للسيدات و لكن هذا ليس الدين الحقيقي الدين الحقيقي يرتكز على الأخلاق قبل الملابس .
فقد نجد الفنانات و الراقصات يرتدين الإحتشام في المناطق التي تمتلىء بالحشد الشعبي و لكن حينما يجتمعون سويًا تجد أسوأ الملابس يرتدين و يتحدثون عن التدين و الدين و كذلك الرجال الذين يصنعون من الدين إرهابًا و يشوهون الدين بالإرهاب و صناعة المساوء منه في الأخلاق حتى يدفن الدين بالأخلاق .
ولذلك يجب عودة تربية و زرع الأخلاق في الشباب مجددًا قبل التعليم لأن العلم بدون الخلق لن تجد منه منفعة .