مقالات متنوعة

الحب في عصر السرعة والتكنولوجيا

وقت النشر : 2023/03/20 12:28:48 AM

كتبت: رهواجة محمد مراكشي

لم تكتفِ التكنولوجيا بعالم المال والاقتصاد فقط بل إنها اقتحمت أيضًا القلوب، بحيث أنه قد تحولت الكثير من العلاقات الإنسانية إلى الكترونية؛ فالحب صار رمزه قلب وكثرة الرسائل باتت دليل اشتياق وبضغطة بسيطة تمحى كل تلك التفاصيل، وفيما تعلق بالوعود الإلكترونية فهو لا يختلف كثيرًا عن العلاقات العادية وذلك بحسب خلفية الأشخاص وشخصياتهم وعداد الوفاء والصدق عندهم؛ فمنها من ينجح ومنها وكأنه لم يكن.
كان للحب وجوه متعددة وتشريعات تحكُم عليه حسب التطور الذهني والإدراك العقلي للطائفة التي ينتمي إليها، ومع تغيرات الزمن تبدلت أيضًا النظرة للحب والعلاقات بين الأفراد، موازين قُلبت، شرائع مُحيت، وثوابت استُبدلت بأفكار مستوردة، ورغم هذا ما زال الحب قائماً، فكلمة من حرفين جمعت القلوب حولها، لكن السؤال الذي يطرح نفسه..

الحب في عصر السرعة والتكنولوجيا، كيف حاله وأحواله؟
وماذا نقص منه في هذا العصر الموصول بالعالم الافتراضي؟”
ففي زمن المادية والمثالية نجد أن المشاعر قد وُضعت جانباً وأُهملت حقوقها لضمان البقاء نابضة في القلوب، أما سيول العواطف فقد أصابها جفاف حاد جراء قسوة الإنسان على أخيه الإنسان، تماماً كقسوة أهل الأرض على أُمهم الأرض فجفت ينابيع الأنهار ذلك بأن المادة أصبحت الجزء الرئيسي للحياة والشرط الأساسي لاستمرار العلاقات بين أفراد المجتمع، أما المثالية الزائفة فقد أصبحت بدورها هي الأولوية رغم أننا لو تعمقنا في النفس البشرية وأزلنا قناع المثالية سوف نجد العديد من الأمراض النفسية المرئية وغير المرئية تتحكم بتصرفاتنا اليومية وذلك جراء إغفالنا لأحاسيس نشعر بها لكننا نتجاهلُها، برغم أن الإحساس هو منبع الطاقة الحيوية المُنبعثة منا وفينا إلى من حولنا سلباً كانت أَم إيجاباً، فكيف لنا أن نغُضَّ البصر عن هذا الإحساس؛ هذا الشيء غير المرئي الذي يُلامس بدوره كل الحواس.
إن من عانى وما زال يعاني من جفاف المشاعر وفقدان الاحتواء الروحي والجسدي تجده قد يهرب من واقعه الأليم إلى العالم الافتراضي المثير ليبحث عن شيء هو يفتقده أساساً، شيء يعيد نبض الإحساس وتدفق المشاعر إليه حتى لو دفع الصدق ومبادئه ثمناً لذلك، وذلك مُقابل لحظات من سعادة مؤقتة هو محروم منها في الحياة الواقعية، فيبدأ العيش بشخصيتين العوالم الخارجية فيها مختلفة لكن الباطن واحد، قد يسميه حُباً لكنه حب أعرج وُلد من رحم الفراغ، والجفاف العاطفي في العالم الافتراضي يحمل في طياته التعلق والإدمان، نعم من حق كل إنسان أن يُحِب ويُحَب لكن كيفية ملء هذا الفراغ العاطفي هنا يكمن السؤال، إنها مشاعر لا إرادية تخرج من جوف قلب يتجرع من كأس الوحدة ليصل ويتصل بقلب هو الآخر يتجرع من الكأس نفسه.

وهنا يطرح السؤال نفسه:

“هل تترك هذه النوعية من العلاقات على الشبكات العنكبوتية أثراً إيجابياً على نفوس أصحابها على المدى البعيد أَمْ أنه فقط يعد انحراف عن طريق الصواب؟”
إن النية هي الأصل ومفتاح نجاح أو فشل أي علاقة، قال تعالى “وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ” الآية 8 سورة المؤمنون.
لذا تذكر أن القلب من لحم ودم، لا يتحمل القسوة واللؤم فكن رفيقًا بقلبك وقلوب من حولك فهي أمانة من عند ربك.

 

اقرأ أيضًا:علاقات أمنه

             من👈  هنا 

زر الذهاب إلى الأعلى