أدبي

نور يتغشاني

وقت النشر : 2021/12/20 04:26:51 PM

نور يتغشاني
بقلم: منى أحمد إبراهيم

نور يتغشاني ووخزات في صدري تعلن عن التقاطي لأول أنفاسي في الحياة، صرخات نبعت من داخلي لم أستطع كبح جماحها فالألم كان أقسى من أن أتحمله.
لحظات اختراق أول شعاع نور لطياتي، شعاع تغلغل بين ثناياي وطبقاتي ليعلن عن ميلاد روح جديدة. طفقت أقتحم عتمة عيني لأسمح للضوء أن يتدفق رويدا بداخلي حتى انقشعت الظلمة وعمَّ النور على كل ما حولي وانتشر بدقة وسلاسة بين أوردتي حتى أننا أصبحنا أفضل أصدقاء، يمنحني بهاءً وأمنحه ازدهارا مُغبِطًا.
تشابكنا الأنامل وأخذ بيدي يوما بعد يوم فما ترددت، كنت أكبر وأنمو ويشتد عودي وأنظر للنور شامخا ثابتا واثقا كما هو فيملؤني الأمل بأنني سأكون مثله لأحذو حذوه ويدوم ازدهاري، ملأني حماس الشباب حتى أنني ما علمت عن المشيب شيئا وحسبت أن العمر كله ربيع بلا يبوس، ونضارة بلا جفاف.
انطلقت عابثا جامحا حرونا لا يوقفني شيء غير عابئ بأي مستقبل مجهول، وعلى حين غفلة مني شعرت ببوادر وهنٍ تتسلل لأعضائي المجهدة.
آلمني قلبي ونهش الخوف فؤادي حين تخضب فودي بالشيب، تجنبت النظر للمرآة حتى لا أواجه حقيقةً طالما طال جهلي وتجاهلي لها حتى أنني سقطت يوما والألم يحاوطني بقسوة ويراودني سؤال مفزع:
أوَ قد حان وقت الضعف من بعد طول القوة؟
وحان وقت الذبول من بعد زمان الازدهار؟
وآن أوان المغيب من بعد طول شروق؟
نوري رفيق دربي، لماذا خفتت شدتك؟
لا عليك، أنا حقا أتفهم ذلك، ولكن أجبني: هل تملك أي دواء لجفافي ودائي؟
أجبني بالله عليك: هل حقا انقضت أيامي وأنا من توهمت دوام الخضار؟
هل حقا ولت لتحل الصفرة الشاحبة وتظلل كل سمائي وأرجائي؟
يا ويحي! أين كان عقلي مني وأنا أحلم بالأبدية؟
أين كان واقعي حين تملكني وهم اللانهائية؟
أين كنت أنا يومها، وأين أكون الآن، وكيف سأغدو غدًا لو قدر لي بأمر ربي البقاء؟

نور يتغشاني.

#تمت_المراجعة_والتنسيق_من_قبل_فريق_ريمونارف

ذات صلة
شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى